الأهرام
أحمد عبد التواب
أهمية تظاهرة الجمعة
الملاحظات الأولى على تظاهرة الجمعة أمس الأول أن الفئة العمرية الغالبة هى الشباب صغير السن، وحرصهم على السلمية رغم حماسهم الشديد. وفى حين كانت الانطلاقة الأساسية ضد اتفاقية التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير، فلم تسيطر بذاءات ضد المملكة السعودية أو غيرها. ولم تظهر شعارات فئوية، لا مطالب بزيادة رواتب ولا علاوات ولا مكافآت ولا حوافز ولا أرباح ولا أبناط، كما لم يهتف أحد بالمطالبة بكوبرى جديد أو مزلقان أو مستشفي. بل كانت كلها شعارات وطنية جامعة، بما يؤكد أنه حدث جديد على الواقع السياسى منذ الإطاحة بحكم الإخوان الذين كانوا مجرد ظلال فى خلفية الحدث.

التعامل الجاد مع هذه الواقعة أمر على أقصى درجة من الأهمية، على أن يكون التناول سياسيا بالدرجة الأولي، ولا يُكتفى بالجوانب الأمنية التى لا خلاف على أهميتها.

لا يجوز، مثلا، الاستهانة بحجة أنهم شباب صغير السن، أو لأن الأعداد لم تصل إلى مليونيات 25 يناير و30 يونيو، أو لأن كل شئ كان تحت سيطرة الأمن! لأن هذا تمويه على المعانى السياسية التى تجدر دراستها بجدية لاستخلاص جوهر الموضوع، وللاستفادة فى كيفية التعامل معه. وهذه مسئولية الجميع، بدءا من الرئيس السيسى إلى الحكومة إلى البرلمان إلى كل جهة وكل فرد يمكن أن يفيد، وذلك قبل تكليف أجهزة الأمن التى يُفضَّل، مع وجوب توقع أن تتطور الأحداث، أن يكون دورها الأساسى حماية المتظاهرين ما دام أنهم ملتزمون بالسلمية.

يجوز الاستفادة من هذا الضغط الشبابى كحجة قوية فى التأنى بخصوص الاتفاقية حول الجزيرتين، ويُستحسَن التريث فى حسمها، لتوفير أجواء صحية تعالج الصدمة التى أصابت الرأى العام، وكان هؤلاء الشباب أول من تأذَّى منها. وينبغى إعادة النظر جذريا فى سياسة استبعاد الرأى العام، والوكالة عنه فى أمور لم يعد من الممكن أن يُستبعَد عنها.

لغة : موّه الشئَ أى طلاه بمياه الذهب. ومن هذه المياه التى تدارى على عنصر أقل قيمة، جاء التمويه الذى هو الإخفاء والمخادعة، وجاء الفعل موّه يموّه تمويها، أى يُزيّن الباطل ويجعله فى صورة الحق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف