حنان خيرى
فى ذكرى تحرير سيناء الحبيبة
شهر أبريل يحمل ذكرى تحرير سيناء الحبيبة، والاقتراب من الله والدعاء بالرحمة لأرواح شهدائنا الأبرار ويسكنهم فسيح جناته ولذلك نشعر جميعاً بعطر يملأ نفوسنا وقلوبنا عندما تمر الأيام ونقترب من ذكرى تحرير الأرض وينتابنا شعور بالراحة والولاء والأنتماء عندما نستنشق رحيق أرواحهم العطرة التى روت دماؤهم تراب الوطن من أجل استرداد كرامته وعودة سيناء الحبيبة لحض أمها "مصر الغالية أم الدنيا".
فنحن نعلم أن المجتمعات تواجه فى تاريخها العديد من المواقف ..منها انتصارات ،وقد يجانبها النصر فى البعض الآخر ،ولم نقرأ عن شعب أو مجتمع حقق إنتصارات ولم يتعرض لهزائم ..وقد واجهت مصر فى تاريخها العديد من هذه المواقف ،لقد تعرضت لهزائم ولكنها حققت أنتصارات ،وكانت دائماً تخرج من هزائمها مرفوعة الرأس منتصرة ،بل ما يثير الاهتمام هو أن مصر كانت تنتصر دائماً بحد السيف،وأن مصر لم تستسلم أبداً لهزيمة أو نكسة.
فمنذ أن حققت قواتنا المسلحة الباسلة أنتصارها العظيم فى أكتوبر المجيد فمازال كل ما حدث وبأدق التفاصيل حياً ودافئاً وماثلاً فى العين والقلب ،كأنه حدث بالأمس وبجميع ما أمتلأ به من ألم وفرحة ..من إنكسار وأنتصار ..من ترقب ولهفة ..من مخاوف ومن إيمان بالله وحب للوطن وثقة بالمقاتل المصرى العظيم ..عشرات من المشاعر التى لا تنسى عشتها مثل آلآف من زوجات المقاتلين من الضباط والجنود فى ذكرى استرداد سيناء ،ولكن كان هدف تحرير الأرض ونداء الوطن يعلوفوق كل نداء، وإذا كانت هذه الذكرى تجمعنا فى شهر أبريل وتوحدنا وتنادى أجمل ما فينا فما بالكم لكى تتحقق هذه الملحمة العظيمة داخل عقول وقلوب ونفوس المصريين من قوة وتلاحم وتآلف وأجتماع على قلب رجل واحد والاستعداد للتضحية بالنفس لاسترداد الكرامة.
فمن المؤكد أن شريط الذكريات يحمل مشاهد ومشاعر لابد أن تعرفها الأجيال الشابة لتدرك الثمن القاسى للحروب التى لم تخضها مصر إلا للحفاظ على الحق وصولاً للسلام الذى فى ظله يزدهر البناء والإنسان.
مجموعة من الأسئلة التى تخطر ببالى دائماً فى ذكرى تحرير سيناء من كل عام ..ماذا تعرف الأجيال الشابة والصغيرة عن هذه السنوات المجيدة وأحداثها ورموزها ودلالاتها الكبيرة ،وهل تدرك عمق المشاعر الإنسانية التى امتلأت بها؟ أو ماذا تعرف عن الثمن الغالى الذى شاركت به عشرات الآلآف من أسرهم فى تحقيق النصر وتحرير الأرض؟! تتكرر الأسئلة وأنا أتابع الجهود لحل مشاكل الشباب وتأمين الطفولة وتنمية المجتمع ولكن هل يعرف أبناؤنا وهم ينعمون بثمار النصر حجم الجهد الذى بذله الأباء والأمهات؟ هل يعلمون التكلفة المعنوية والنفسية والمادية للحرب ليحافظوا على السلام قوياً وعزيزاً ومنيعاً؟! هل تعرف الأمهات الشابات اليوم معنى الحياة والكفاح والجهد الذى يقدمه زوجها لحماية وطنه وأمنه وسلامته؟!
تسمح ذكرى تحرير سيناء التى تجمعنا الآن بفتح القلب والمصالحة مع أنفسنا لكى نعبر الأزمات النفسية التى سكنت نفوس الكثيرين بسبب الصراعات والضغائن من أجل تحقيق مصالح مهما كانت ثمنها على حساب الآخرين ..فاليوم علينا أن نستنشق رحيق أرواح من رحلوا وضحوا من أجل الاستقرار والكرامة ..واليوم ونحن نمر بظروف قاسية ويرحل عنا أبطال ويستشهدوا من أجل حمايتنا والحفاظ على الوطن من الأرهاب الأسود ..إن التجربة الفردية التى تعيشها زوجة شهيد وأم بطل ضحى بروحه وأطفال يشيعون جثمان أبوهم من أصعب المصائب التى تصاب بها الأم والزوجة والأبناء فعلينا أن ننتبه ونتماسك وندعوا من الله أن يحافظ على رجالنا الأبطال ويحققوا الأمن والأمان والعبور بالوطن بسلام.
أخيراً ..يمتلئ شريط الذكريات بأحداث هذا اليوم العزيز الذى يكتب تاريخ ثان للمصريين ..كما يستمر شريط الذكريات وتتوالى الأحداث ولا تتوقف بإطلالة أرواح شهداء الصدق والعطاء والإخلاص لمصر وللمصريين ..وعلى كل إنسان سوى أن يراجع نفسه ويصالحها لكى يعبر أزمته مع نفسه.