المساء
مؤمن الهباء
شهادة إرهاب .. واغتصاب!!
القضايا والحكايات التي تمتليء بها صفحات الحوادث يومياً في جرائدنا ليست شيئاً هيناً.. ويجب ألا نقرأها علي سبيل التسلية وشغل أوقات الفراغ.. وإنما لنعرف ما يدور بداخل هذا المجتمع.. ونرصد ونحلل حجم التغييرات التي طرأت عليه.. ونستقبل الرسائل والإشارات التي يوجهها إلينا المجتمع من خلال تلك الصفحات.. وهي ــ بالمناسبة ــ ليست رسائل جنائية خالصة.. لكنها تحمل دلالات سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ودينية لا تخطئها العين.
المهم.. أن يكون هناك من لديه الرغبة والإرادة والقدرة أن يلتقط الرسائل والإشارات.. ويستوعبها ويفهم مغزاها.. ثم يتعامل معها بما تستحقه من جدية واهتمام.. لاصلاح ما اعوج من أمر هذا البلد.
ولعل أخطر الرسائل التي تحملها صفحات الحوادث وأكثرها شيوعاً تلك المتعلقة بجرائم الإرهاب وجرائم الاغتصاب.. والتي كادت تصبح مظهراً عادياً في المجتمع المصري من كثرة ما يروي فيها وما يروي عنها.
جرائم الإرهاب تشير إلي أن لدينا أزمة حقيقية في حياتنا السياسية.. وأزمة حقيقية في التوافق الوطني.. وأزمة أخري في فهم بعض الجماعات لطبيعة الممارسة السياسية والتعبير عن المعارضة.. فضلاً عن فهمها للدين ودوره في اصلاح المجتمع.. وهذه الأزمات تحتاج إلي عقول مفكرة ومدبرة لإيجاد مداخل أكثر اتساعاً من أجل التعامل مع هذه الأزمات وليست الهروب منها والاكتفاء بتصديرها ــ كاملة ــ إلي الأجهزة الأمنية المثقلة ــ أساساً ــ بما تحمل من مسئوليات.
أما جرائم الاغتصاب فتعطينا إشارات واضحة علي غياب الوازع الديني والردع الاجتماعي وتدني الأداء الأمني.. ناهيك عن الانفلات الأخلاقي والتفكك الأسري.. وللحقيقة فإن مسئولية هذه الأمراض التي تنخر في الجسد المصري وتنهكه وتضعف قوي المناعة فيه.. لا تقع علي كاهل فرد واحد أو جهة واحدة.. وإنما تشترك في تحملها الحكومة والأسرة ورجال الدين وعلماء النفس والاجتماع والجهاز الإعلامي ومؤسسات المجتمع المدني.
والقاسم المشترك بين جرائم الإرهاب وجرائم الاغتصاب هو ذلك العنف الدموي الذي صار يطاردنا فيما يشبه الظاهرة.. والذي يعبر عن خلل عام أصاب المجتمع المصري.. هذا الخلل العام سببه ــ فيما أظن ــ الفراغ والبطالة والجهل وقلة فرص العمل وانعدام الطموح وغياب القوانين الرادعة والتفاوت بين طبقات المجتمع بشكل جاد وانتشار ثقافة الثراء السريع واحتقار قيمة العمل والاحساس بالإحباط وغياب العدالة.
يقول رجال الدين إن السبب في ذلك كله يرجع إلي بعد الناس عن الدين وضعف علاقتهم بربهم واستهانتهم بالشرع.. وعدم التزام الآباء والأمهات بتربية أبنائهم وبناتهم علي الصلاح والأخلاق القويمة وعدم مراقبة سلوكهم خاصة فيما يتعلق بما تبثه وسائل الإعلام ومواقع الإنترنت من عري وفجور واجتراء علي هدم القيم وترويج للعنف والمخدرات.
أما علماء الاجتماع فيشيرون الي التغيير الكبير الذي طرأ علي مجتمعنا خلال السنوات الأخيرة.. وظهور نماذج القدوة الجديدة من نجوم الفن والكرة والبيزنس الذين يجمعون بين الثروة الطائلة والنزق الشهواني والقدرة الفائقة علي استخدام العنف دون معقب.. وفي هذا المناخ ارتبط المال بالجنس والعنف بينما المجتمع يعاني من الفقر والبطالة والعنوسة.. ومن هنا حدث الاضطراب واهتزت القيم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف