الأهرام
يوسف القعيد
أعلام أسيوط
الدكتور محمد رجائى جودة الطحلاوى، المعروف برجائى الطحلاوى. أعرفه ولا أعرفه. أعرفه اسماً. وإن كنت لم أتعرف عليه. عرفته من خلال صديقنا المشترك الشاعر والمفكر نصار عبد الله. ومن خلال المعرفة أرسل لى الدكتور رجائى من أسيوط موسوعته الضخمة: موسوعة أعلام محافظة أسيوط. التى تقع فى مجلدين كبيرين. وقبل تصفح موسوعة أعلام أسيوط. أقول إن مثل هذه الموسوعات مهمة. وليت باقى محافظات مصر تهتم بإصدار موسوعات عن أعلامها. رغم أننى أعلم أن موسوعة أعلام أسيوط صدرت بجهد من الدكتور رجائى الطحلاوى. وبعيداً عن أى جهة رسمية وقفت معه أو ساعدته أو قدمت له الدعم. مثلاً كانت هناك محاولات لإصدار موسوعة عن أعلام البحيرة. ولم تكتمل. وقد عرفت من كامل رحومه أنه بصدد عمل مثل هذه الموسوعة. فأرجو أن يبتدى برجائى الطحلاوى وموسوعته. أهمية النبش فى حكايات الأعلام ومحاولة تقديمها للأجيال الطالعة. أننا نعطى الأجيال الجديدة نماذج يمكن أن يدركوا من خلال تتبع حكايات الأعلام أن الحياة فى مصر سبق أن أعطت رموزاً مهمة فى كل المجالات. وهو أمر لا بد أن ندرك أهميته بعد أن دمرنا رموزنا. ولم نترك أحداً منهم دون هجوم أو تجريح أو محاولة تجول فى شوارع حياته الخلفية.

وقديماً قالوا: إن لم تجد من تتعلم منه، عليك أن تخترعه وأن توجده. وأن تبحث عنه فى كل مكان. ألم يقل أجدادنا: من لم يجد أباً، عليه أن يخترع أباً له. لأن الأب احتياج إنسانى أكثر من كونه حالة نسب أو اسماً يمنحه الأب لابنه. مؤلف الموسوعة ولد فى قرية الغوابين، مركز فارسكور، محافظة دمياط. سنة 1936، أى أن الرجل ليس أسيوطى المولد. ومع هذا تفرغ أخيرا لعمل الموسوعة التى أعتقد أنها كلفته الكثير من الجهد والوقت، وربما المال. تولى رئاسة جامعة أسيوط. وتولى محافظة أسيوط. وله ـ ويا للعجب ـ 46 كتاباً مؤلفاً باللغة العربية. علاوة على 4 كتب بلغات أجنبية. ومع هذا لم نعرف عنه قبل هذه الموسوعة سوى أنه رئيس جامعة أسيوط. ومحافظ أسيوط الأسبق. فكم فى مصر من الأسماء المنسية التى لا نجيد متابعتها. ولا أعرف لماذا هذا الغبن الذى يتعرض له رجائى الطحلاوى؟ هل لأنه اختار الحياة بعيداً عن القاهرة؟ والقاهرة مشغولة بناسها وسكانها وأهلها. ولا تصنع النجوم إلا من بينهم. وتلك مشكلة المشاكل المصرية منذ فجر التاريخ وحتى قيام الساعة. بحثت عن دار نشر نشرت الكتاب لأشير إليها حتى يكون متاحاً لمن يمكن أن يبحث عنه فلم أجد. فقط فى بيانات إيداع الكتاب بدار الكتب والوثائق القومية عبارة أن حقوق الطبع محفوظة للمؤلف. وهذا معناه أن المؤلف نشر الكتاب على نفقته. وإن كنت أتمنى أن تصدر دار نشر محترفة هذا الكتاب. وأن تشجع كتباً أخرى عن محافظات أخرى. لأننا فى مصر - هنا والآن - فى أمس الحاجة للتوقف أمام رموز الوطن وأعلامه ونجومه لنقدمها للأجيال الطالعة. مؤلف الموسوعة يهديها إلى شباب محافظة أسيوط. كنت أتمنى لو أنه أهداها لكل شاب مصرى فى أى زمان ومكان. فمرحلة الشباب هى أكثر مراحل الإنسان حلماً ورغبة فى تغيير العالم إلى الأفضل. وبالتالى فهم أكثر الناس احتياجاً للتوقف أمام حكايات الرموز والأعلام. والموسوعة كما يقول المؤلف فى مقدمته تجميع لخمسة كتب عن أعلام أسيوط. صدر الجزء الأول منها سنة 1998، عندما كان المؤلف محافظاً لأسيوط. وكان الجزء الأول مشاركة بينه وبين زميله الدكتور يحيى عبد الحميد إبراهيم، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة أسيوط. ثم توالى إصدار الأجزاء الأخرى التى تناولت 420 شخصية من أبناء أسيوط. يكتب صاحب الموسوعة:

- كان لزاماً علىَّ أن أعمل على اختصار ما كتب عنهم، مع التركيز على المعلومات الأساسية عن حياتهم. مع إيضاح ما قدموه من إضافات مشرقة. وتحديث بعض البيانات التى جعلتهم فى مصاف الخالدين. ولأن المؤلف نجا من الحياة فى القاهرة، ولم يتنفس أجواء الكراهية التى يتنفسها المتصارعون على فرص وهمية. فهو يثبت فى ثلاث صفحات كل من قدم له مساعدة من أجل أن يتم الموسوعة. يكتب أسماءهم والأماكن التى يشغلونها. وهم الذين تفضلوا بتزويده يما تيسر من معلومات عن شخصيات الموسوعة. فقد قدموا له عوناً كبيراً. وأعطوه الكثير من المعلومات. وعرفوه بأشخاص كاد يغيب ذكراهم فى طيات التاريخ. لا تتصور أن رجائى الطحلاوى كتب عن الذين عاصروه من الاعلام. أو من عرفوهم شخصياً. فمن المؤكد أنه لم يعاصر جلال الدين السيوطى. ولا الشيخ أبو العلا محمد. ولا حافظ إبراهيم. ولا حسن الحفناوى. ولا سينوت حنا باشا. ولا عبد المتعال الصعيدى. ولا عصمت سيف الدولة. ربما ولا صلاح عبد الصبور. ومع هذا كتب عنهم وجمع قدراً كبيراً من المعلومات الخاصة بهم.

هل أطلب من الدكتور رجائى الطحلاوى أن يحاول استكمال مشروعه عن محافظات أخرى؟ خاصة محافظة دمياط التى عاش فيها منذ ميلاده حتى منتصف خمسينيات القرن الماضى. وغيرها من محافظات مصر؟ وهل يمكن أن تكون هذه الموسوعة نواة لموسوعة كبرى عن أعلام مصر؟ لأننى عندما أقرأ أعلام محافظة من المحافظات، تصيبنى حالة من الاهتمام بوحدة الوطن. التى يجب أن تكون أهم ما يعنينا فى هذه الأيام.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف