كلمة لها فعل السحر في القلوب.. ونبض الفؤاد في الصدور .. وسريان الدم في العروق ، والشرود الذي يهاجم العقول .. فهي كلمة لها دفء الشتاء وبرودة الصيف ولفحة الربيع ونسمة الخريف.
الحب هو مرض أسمه هلوسة الرومانسية ، وأعراضه للمصابين به هي أنهم يقولون مالا يفهمون ، ويفعلون ما لا يعلمون .. تحيطهم دائما سحب وردية من نار لا تحرق، وحرائق لا تلسع، ويخوضون في بحار لا تغرق.. هذا هو الحب ومرض الحب وآهات الحب .. الحب هو هذا الشيء الهلامي الذي لا نستطيع رؤيته ولا الإمساك به .. لكننا نحسه ونشعر به ، ونتمرغ في أحلامه ، ونتوه في متاهاته ، ودائما أوقات الحب لا تقاس بالأيام أو السنين التي تمر بنا ونحن علي قيد الحياة نتنفس ونتحرك .. فهل يا تري يقاس عمرنا بتلك الأيام التي نقضيها علي الأرض دون حب يشجينا .. أم بعدد الأيام التي نعيشها في حب يمتعنا ويلهينا عن كل مصائب الحياة ومكارهها ؟
ويا تري أيهما أطول عمرا وأكثر وجودا في الحياة .. إنسان يعيش مائة عام جوفاء خاوية من كل متع الدنيا أم إنسان يعيش بضع أعوام عامرة وزاخرة بكل متع الحياة وأحاسيس الحب والغرام ولهيب الشوق ولوعة الفراق ومتعة اللقاء !
إذن ما معني طول العمر دون الأشياء الممتعة في الحياة ؟ ماذا يضير الإنسان أن يعيش أعواما قليلة في روضة مليئة بمباهج الحياة ؟ أليس أفضل حظا وأوفر سعادة من إنسان يأتي إلي هذا العالم ويخرج منه كالآلة الصماء لا يشعر به أحد ؟!
لذا يجب علي الإنسان المحب العامر قلبه بالعشق ألا يخاف من مغادرة الحياة لأن عمره فيها لا يقاس بفترة زمنية بل بعدد المباهج التي أمتعته في هذه الدنيا ، لذلك لابد من وجود حبيب صادق أو كاذب .. مخادع أو نزيه .. كما للإنسان من طعام طيب أو رديء يضطرنا إليه الجوع ، ويضطرنا أيضا إلي الحبيب احتياج النفس إلي الحب ذاته ، وفي بعض الأحيان يجد الشخص نفسه يترنح تحت عبء من المرارة يجثم فوق صدره ويكتم أنفاسه ويكاد يصرخ بينه وبين نفسه ويقول إني أختنق وأشعر بزهق وضيق شديدين فيلتفت حوله فيجد نفسه وحيدا دون حبيب !
نعم إن وجود الحبيب في حياة المحبوب له فعل السحر في تغيير مزاجه العام من التشاؤم إلي التفاؤل ومن الحزن إلي الفرح لأن الحب له فعل خطير ومبهر في حياة الإنسان أيا كان ، والدنيا لا تخلو من أناس يفهمون معني التواصل مع الآخر وإقامة علاقة حب سوية متناهية في الإخلاص والتفاني.
ولذلك إذا فشلت قصة حب – وهذا قائم – فليس هذا معناه نهاية العالم .. إطلاقا .. لا تيأسوا بل ابدءوا مرة أخري ، وأيضا إذا عاودكم الفشل فادخلوا في تجارب مرات ومرات . . حتى تصلوا إلي علاقة سوية وشجية ذات روائح ندية معبقة بعبير الحب النقي.