الرأى للشعب
هناء زكى
من يربي أبناءنا؟


تعجبت من أمر أخوة تربوا في نفس المنزل، شبوا علي بث روح الأخلاق الحميدة والتدين من نفس الأب والأم، تعلموا في نفس المدارس ، ومع ذلك تجد احدهما ذو أخلاق رائعة، وعقلية متطورة ناضجة، وحنان قلب وعطاء روح، والأخر تجده مشبع بروح الأنانية، والأخلاق المنحرفة السيئة.

وتساءلت من يربي الأبناء؟ وهل يذهب كفاح الآباء في تربية أبناءهم سدى؟، اتخاذهما القدوة الصالحة قولا وعملا، وتطبيق كل ما قرءوه في علم النفس وأصول التربية الصحيحة علي أبناءهم، ثم تأتي ثمار كفاحهما علي هذا النحو المخزي من بعض الأبناء!.

وتوقفت أيضا أمام الآية الكريمة " فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ". وفي قوله تعالي في فاتحة القرآن الكريم " الحمد لله رب العالمين". بل في القرآن العديد من الآيات تبدأ بالنداء" يا رب".

الرب من التربية، الرب يريبنا بكافة أنواع التربية التي قرأنا عنها في الكتب التربوية وعلم النفس، الرب يربينا بالعطاء والمنع، الثواب والعقاب، يعرضنا للعديد من الاختبارات النفسية والمادية.

يمنحنا رزقا ومالا بلا حدود، وفي فترات يقتر علينا الرزق ونعاني من الفقر والعوز والحاجة ، نمر بفترات فرح وسعادة من تحقق الأمنيات والأحلام، وأخري نبكي حرمانا من أكثر الأشياء التي نتمناها ونحلم بها.

ينر عقولنا بالفهم والتمعن في كافة تفاصيل الحياة، وفترات نرى الأمور تحدث دون فهمها، وكأن علي عقولنا أقفال وقد أصابها غباء ونسيان!.

وللإنسان بعد كل ما يمر به من اختبارات وتربية الرب له ، عليه أن يختار طريق حياته، إيمانه، كفره، أخلاقه، .. الخ

وليس للآباء حيلة سواء من فعل تربية ولا حتى من دعاء من شيء!.

فالنبي نوح وقبل أن تغرق الأرض بالطوفان، وآبى أبنه أن يؤمن بالله ، دعا نوح ربه، أن يعفو عن أبنه ويهديه ليركب معه السفينة وينقذه، إلا أن الرب رفض العفو عن إنسان اختار لحياته طريق الكفر وصمم عليه.

وقد كان نوح نبي الله، فما بالك بالآباء الذين لا حول لهم ولا قوة. يردد أجدادنا مثل شعبي يقول " يخلق من ضهر العالم فاسد، ومن ضهر الفاسد عالم".

وهو ما نراه في حياتنا اليومية من أمثلة لأسر كريمة يخرج منها أبن فاسد، وكذلك من أسر منحلة فاسدة يخرج منها أبن صالح.

هل مادام الأمر كذلك، وتربية الأبناء بيد رب العالمين، فلماذا إذا نتعب ونكافح، من اجل تربيتهم وتعليمهم، وتوفير المعيشة الكريمة لهم؟

لأن تربية الأبناء من اكبر اختبارات الله لنا، وكل فعل نقوم به بإخلاص وإتقان وتفان، نكتسب منه ثواب عظيم، ونعلى مرتبتنا في الجنة بعد عمر طال أو قصر.

فيا كل أب و أم، لا تبتئسوا، لا تلوموا أنفسكم ، وتقهروا قلوبكم حزنا، علي أبن ذو أخلاق فاسدة، إذ كنتم قد قمتم بواجبكم نحوه علي أكمل وجه. فحصاد فعلكم ليس أبن صالح، بل حصادكم هو عمل صالح، حتى صبركم علي الابتلاء بابن فاسد، فثوابكم عليه عظيم.

وفقنا وهدانا الله وإياكم إلى العمل الصالح، ورزقنا بالابن الصالح، وببر أبناءنا. وهدى أبناءنا ووفقهم جميعا إلى ما يحب ويرضى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف