المساء
محمد جبريل
ع البحري -يا د. عبد المنعم.. مصر أصل الحضارة والمدنية
أختلف مع الدكتور عبد المنعم سعيد في الكثير من آرائه. فهو يضع حساباً -ربما أشد مما ينبغي- لحسابات القوي المتصارعة في العالم. والظروف التي قد تتيح الحصول علي الحق. أو العكس.
مع ذلك. فإني أحرص علي متابعة الدكتور عبد المنعم في مقالاته وحواراته التليفزيونية. تجتذبني حصيلته المعرفية الوافرة. وقدرته علي التحليل واستقراء الاحداث. وحرصه علي المنهجية التي تسعي لربط ما كان بالواقع واستشرافات المستقبل. ومزجه الوعي السياسي بحس فني وجمالي.
في حوار أخير للدكتور عبد المنعم أدركت أن العجائبية لم تعد تقتصر علي الابداع الفني. بل تجاوزتها إلي القضايا السياسية.
قال د. عبد المنعم إن مصر لم تصبح دولة. ولا اعترف بها العالم بهذه الصفة إلا بعد أن حصلت علي استقلالها من بريطانيا وفق معاهدة بين البلدين في .1923
تصورت المعلومة بديهية. أو أن هذا ما يجب أن أعرفه. لما هز المحاور يوسف الحسيني رأسه مؤمناً علي الرأي. ثم ناوشني السؤال: ماذا كانت مصر قبل ذلك التاريخ؟
الثابت- في دراسات علماء المصريات والمؤرخين- أن مصر هي أقدم دولة في العالم. وهي التي صدرت معني الدولة إلي المناطق التي تخلقت فيها الدول فيما بعد. وتعبير برستيد "فجر الضمير" ليس مجرد وصف بليغ. لكنه يحمل معني الدولة.
حين ذكر القرآن الكريم مصر في آياته. فإنه كان يقصد مجتمعاً. دولة. بمقاييس زماننا الحالي. اكتسبت مصر صفة الدولة منذ أيام الفراعنة. ولم تفقد الصفة في العصور التالية. حتي عندما استعمرها الغير لم تكن جسما هلامياً. استهدفت الغزوات الاستعمارية دولة. كيانا له مقوماته وتفرده. وليست مضارب قبيلة. ولا قبائل تسكن الغابة.
حاربت مصر خلال تاريخها الطويل. انتصرت أو لحقتها الهزيمة. وكانت في الحالين تمتلك كل مقومات الدولة. وصدرت إلي العالم ما أدركته من يقين ديني. وما اخترعته من أنظمة وإدارات وجيش وشرطة وعلماء وفنانين وعادات وتقاليد.
وعندما وصفت الاسكندرية في العهد الهيليني بأنها عاصمة الدولة. فقد كانت الدولة هي مصر بامتداد أقاليمها حتي صارت القاهرة عاصمة للدولة فإن الدولة كذلك هي مصر باتساع رقعتها.
هل يريد الدكتور عبد المنعم سعيد إقناعنا بأننا كنا ننتمي إلي اللا شيء. قبل أن ننشيء دولة في 1923؟
أضع الدكتور في مكانة متقدمة بين المثقفين العرب. لذلك فإني أخشي أن يكون رأيه قد صدر عن حكم قيمي. وليس عن معلومة يستحيل أن ينشأ فيها سجال.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف