الأخبار
عبد القادر شهيب
شيء من الأمل- لا تمكنوا الأعداء منا
لست ممن يختصرون مصر في شخص فرد واحد أو يرهنون مستقبلها بوجود واستمرار هذا الشخص في موقعه، مهما كان هذا الشخص في كريزما عبدالناصر أو دهاء السادات أو شعبية سعد زغلول أو بلاغة وقوة مصطفي كامل أو جسارة وشجاعة أحمد عرابي.. وأيضا لست أنكر علي أي مصري رفض أي قرار أو اجراء أو تصرف حكومي، فليس ذلك فقط حقا يكفله الدستور والقانون، وإنما هذا يعد من أساسيات الدولة العصرية الديمقراطية التي نبنيها أو نتطلع لاقامتها.. ولكنني مع ذلك أدعو فقط كل العقلاء في هذا الوطن والذين يخشون عليه ويبغون حمايته من أية أخطار أن يتفكروا ويتبصروا في النتائج التي يمكن أن نجنيها جميعا نحن جموع المصريين اذا ما تحقق ما طالبت به بعض هتافات من خرجوا للتظاهر ضد اتفاقية تعيين الحدود البحرية بيننا وبين السعودية والتي تضمنت إقرارا بحق السعودية في السيادة علي جزيرتي تيران وصنافير، وهي الهتافات التي كررت ما سبق أن تم الهتاف به في ٢٨ يناير ٢٠١١، وفي ٣٠ يونيو ٢٠١٣، واعني هتاف «الشعب يريد إسقاط النظام».
تخيلوا معي ماذا يمكن أن يحدث لنا إذا ذهب الرئيس عبدالفتاح السيسي ولم يكمل مدة رئاسته التي اقتربت من منتصفها، وهو الذي له حق في الترشح لمدة رئاسته أخري مدتها اربع سنوات تضاف إلي سنتين متبقيتين له في مدة رئاسته الحالية ليصير احتمال وجوده الطبيعي في الرئاسة ست سنوات قادمة.
ابتداء من الخطأ نتصور أن الأمر سوف يقتصر في هذه الحالة علي مجرد انتخابات رئاسية مبكرة ودمتم لنغير بها شخص رئيس الجمهورية.. هذا يمكن تصوره فقط في حالة واحدة وهي أن يكمل الرئيس عبدالفتاح السيسي مدة رئاسته الحالية ويرفض أن يترشح لفترة رئاسية ثانية، وهو الحق الذي يتيحه له الدستور.. ولكن إذا ما سارت مجريات الامور في الاتجاه الذي هتف به البعض في مظاهرات يوم الجمعة ويرغب فيه آخرون وإن لم يهتفوا به.. سنكون ازاء وضع آخر مختلف.. سوف نجد أنفسنا نبدأ من جديد، تلك البداية التي سبق أن جربناها من قبل أو منذ فبراير عام ٢٠١١ مرتين حتي الآن.. سوف نبدأ بالطبع في إعداد دستور جديد قد لا يرأس لجهة إعداده هذه المرة السيد عمرو موسي وبالتالي احتمالات أن يطول انتظارنا لهذا الدستور.. وسوف نبدأ مجددا أيضا في انتخابات برلمانية جديدة اذا اتفقنا بالطبع علي قانون جديد للانتخابات البرلمانية، خاصة أن احتمالات اختلافنا علي مثل هذا القانون أكبر من احتمالات اتفاقنا.. ثم سوف نبدأ مجددا في انتخابات رئاسية جديدة سوف تخلو في الأغلب من اسم له شعبية طاغية مثلما كان هو الحال في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام ٢٠١٤، وقد تكرر ما حدث في انتخابات عام ٢٠١٢ بكل ما اكتنفها من أمور وشبهات لم نحسم أمرها قضائيا حتي الآن!
وكل ذلك سوف يستغرق بالتأكيد وقتا اذا وفقنا لن يقل عن العامين، واذا غاب عنا التوفيق فسوف يتجاوز ذلك.. أي اننا سوف نستأنف في التصعيد.. سوف نستأنف أو نستعيد المرحلة الانتقالية التي عشناها لنقترب بها إلي نحو العقد من الزمان.. لكن الأخطر من ذلك أن كل شيء سوف يتوقف حتي نعيد بناء مؤسساتنا من الاستثمارات القائمة.. والمشروعات التي يتم تنفيذها.. والعلاقات الخارجية التي بدأنا فعلا في إعادة صياغتها.. وبناء جيشنا وتسليحه بمعدات وأسلحة حديثة والمحاولات التي بدأت لإعادة بناء اقتصادنا وانتشاله من أزمات قاسية وحادة وعنيفة.. والنتيجة مزيد من العزلة المصرية إفريقيا وعربيا.. ومزيد من الاضطرابات والأزمات الاقتصادية المصحوبة بزيادات لا تتوقف في التضخم والبطالة.. ومزيد من الانقسامات الاجتماعية المصحوبة بصدامات سياسية حادة، مع عزوف للجهاز الأمني عن أداء واجباته في ظل هذه الأوضاع التي يسودها بالطبع الترقب والانتظار.
وأظن - وليس كل الظن إثما- أن ذلك لا يرضي عاقلا أو حريصا علي مصلحة هذا الوطن حتي مهما بلغ رفضه للسيسي رئيسا للجمهورية أو مهما بلغت رغبته في أن يري شخصا آخر مكانه في قصر الاتحادية، اللهم فقط هؤلاء الكارهون للسيسي منذ الثالث من يوليو ٢٠١٣، والذين اعتبروه بعدها عدوهم الرئيسي ويريدون الانتقام منه والتخلص منه، سواء كان هؤلاء الكارهون مصريين أو غير مصريين، وتحديدا أمريكيين.
لذلك اتمني علي هؤلاء أن يتفكروا في مصلحة وطنهم قبل أي شيء آخر.. أنا لا ادعوهم للتوقف عن المعارضة أو العدول عن رفض بعض السياسات والقرارات والإجراءات.. إنما أطالبهم فقط ألا يمكنوا من يتآمرون علي بلدنا من النجاح في تنفيذ مؤامراتهم وإجهاض كيان دولتنا الوطنية.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف