هؤلاء الشباب من رواد المسمط!.. ما السبيل إلى إقناعهم؟. إن الدنيا تعطيهم وجهها، وهم يهرولون إليها!. إن وجود المال فى أيديهم يسعدهم على كثرة المعاصى. ماذا لو تم توجيه جهدهم ومالهم إلى خدمة الدعوة؟. لا شك أنها ستستفيد كثيراً. يمكننا أن نقدم خدمات أكثر ننفع بها الناس، إذا تمكنّا من تأليف قلوبهم كى يسيروا معنا على طريق الله، من أجل إعلاء كلمته فى الأرض. ولكن ماذا أقول لهم؟!.
- طارق: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!.. كيف حال الإيمان يا إخوة؟!.
- أحد الشباب (ضاحكاً): ماذا يقول هذا الذقن؟!.
- طارق: أريد يا إخوة أن أتحدث معكم.
- شاب آخر: تتحدث معنا؟.. هل تعرفنا؟!.
- طارق: إنكم إخوة لى فى الإسلام!.. ألستم مسلمين؟.
- أحد الشباب: نعم!.. ولكننا لا نعرفك. ماذا تريد منا؟!.
- طارق: أريد أن أتحدث معكم عن الحياة، عن الإنسان الذى يقضى عمره يعب من الملذات. يغضب الله فى كل لحظة دون أن يأبه!، مع أن الحياة قصيرة. والطريق بعدها طويل. ولا بد من إعداد الزاد. وآه من قلة الزاد وطول الطريق!.
- شاب: ومن قال لك إننا نعصى الله؟!.. إننا فقط نحاول الاستمتاع بالحياة. نأكل ونشرب ما أحلّ الله، ونحاول السياحة فى كل مكان، لكى نتعرف على الدنيا ونرى خلق الله. إننا نحيا الحياة العادية التى يعيشها كل الناس. فهل فى ذلك حرمة؟!.
- طارق: لا!.. ولكن أين صلتكم بالله؟.. من منكم يصلّى؟.. من منكم يقرأ القرآن؟!.
- الشاب: آه.. هذه المسائل! عموماً ادعُ الله لنا يا شيخ عسى أن يهدينا!.
- طارق: ليس بالنية يا إخوة. لا بد أن تبادروا إلى إصلاح أنفسكم. لا يكفى أن ندعو لكم بالهداية.
- أحد الشباب: عموماً نحن كما لا نلتزم بالشعائر فإننا أيضاً لا نفعل حراماً، ولا نؤذى أحداً. والله غفور رحيم.
- طارق: لا بد للإنسان لكى يعرف الطريق إلى الله ويسير فيه أن يستعين بإخوة له يعينونه على طاعة الله، ليقيموا معاً دولة الخلافة.
- شاب (باستهجان): آه.. جماعات إسلامية يعنى؟!.
- طارق: بل دعاة إلى الله يعملون فى جماعة!.. يا إخوة يد الله مع الجماعة!.
- شاب (بسخرية): لا يا شيخ.. لقد طرقت الباب الخطأ!.. نحن جميعاً ليس لنا فى هذه السكة!.. وقد قلت ما عندك، فدعنا ننصرف.
سيطرت سحابة من الكآبة على طارق، بعد هذا الحوار، وأخذ يحدث نفسه قائلاً: يا رب ها هو الإسلام يعود غريباً كما بدأ غريباً!.. إنهم لا يريدون الانضمام إلى طريقك!.. ليس لهم فى هذه السكة!.. لا يغيرون على دينهم!.. ينحازون إلى الأندية الرياضية ويدافعون عنها ويغيرون عليها ويحرقون دمهم وأعصابهم فى سبيلها!.. وعندما ندعوهم يا رب يضعون أصابعهم فى آذانهم ويصرون على أفكارهم ويستكبرون استكباراً!.. ولكن الصبر!.. الصبر الجميل!.. لقد مكث نوح يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً. ولم يؤمن له سوى ثلاثة عشر نفراً!.. نعم لقد دعا على قومه فى النهاية من الضيق والزهق. ولكنه ضاق ذرعاً بعد تسعمائة وخمسين عاماً! والله تعالى يقول: «وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر».