المساء
محمد جبريل
ع البحري- التاكسي.. الأخلاق تكسب!
لي تجارب مع سائقي التاكسي الأبيض. آخرها عندما طلب السائق خمسة عشر جنيها أجرة مشوار يستغرق مشيا أقل من خمس دقائق.. استعدت الرقم في عدم تصديق.. أعاده السائق وهو ينظر إلي العصا التي أتوكأ عليها بتأثير عملية جراحية فاشلة: خلصنا!
خلصته. ولم تكن تلك تجربتي الوحيدة.
حدثتك ? من قبل ? عن تجارب غريبة. منها السائق الذي جعلني سائحا بالإكراه. وحرص أن أشاهد ما أعرفه وما لا أعرفه من شوارع القاهرة. قبل أن يطلب ما أحسست بالقهر وأنا أدفعه.. ومنها السائق الذي أخذ ورقة المائة جنيه ليرد الباقي. وانتظر حتي نزلت من السيارة.. ويا فكيك!
تجارب كثيرة. تدفعني إلي إساءة الظن بسائقي التاكسي الأبيض. لكن هناك من يحسنون التعامل بما يستحق التقدير.
أتحدث عن المعني الذي يمكن أن نستخلصه من إقبال المواطنين علي ركوب ما سمي سيارات كريم وأوبرا.
لا شأن لي قانونية الوسيلة الجديدة. تلك مهمة إدارة المرور. لكن الذي يجب أن يشغلنا هو العلاقة الإنسانية التي تحتاج إلي تأمل. ومراجعة. وتعديل في السلوكيات.
فضل مستخدمو التاكسي السيارات الجديدة. لأن سائقيها يحسنون التعامل مع المواطنين. لا فهلوة. ولا ثرثرة. لا زعيق. بل حرص علي احترام الراكب بعيدا عن أساليب خرم التعريفة. ودهان الدوا دوكو. واعتبار خلق الله فرصة لتوفير حق المزاج!
أعرف أنه إذا كان العشرات من سائقي التاكسي الأبيض يستحقون المؤاخذة. فإن المئات يعطون المثل لحسن التعامل مع الركاب. خرجت شخصيا ? من مجرد توصيلة ? بصداقات ممتدة. تحول سائق التاكسي إلي سائق ملاكي. يهاتفني في الموعد الذي أحدده.
حسن التعامل وجد قبولا واضحا من المواطنين. فهم يفضلون التاكسي الجديد. تعبيرا عن حاجة المجتمع إلي تبدل حقيقي في علاقات أبنائه مع بعضهم البعض. فيسود الفهم والاحترام والمحبة والتسامح.
نحن في حاجة إلي علاقات مغايرة لما تعانيه حياتنا الآن. بحيث يشعر الجميع أنهم ينتمون ? في كل الأوقات ? إلي وطن واحد. دون انتظار الفوز في مباراة دولية لكرة القدم. لتخرج المظاهرات والأعلام والهتافات والأغنيات تأكيدا لهذا الانتماء!
لو أن التعامل الإنساني ظل جسرا للعلاقة بين المواطنين. فسينعكس بالضرورة علي صورة الحياة. علي سلوكيات الأفراد والجماعة. يتعامل كل مواطن مع الآخرين باعتبار أنهم ينتمون إلي وطن واحد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف