التحرير
أحمد الصاوى
..واعترف أمامنا أنه من مؤيدي الحفاظ على التراب الوطني
إنه فى يوم الجمعة الموافق 15 أبريل عام 2016، مثل أمامنا المتهم "س.ص"، وبعد إثبات اسمه وعنوانه ومهنته، ومطالعة بطاقته الشخصية، فتحنا هذا المحضر بسراى النيابة بحضورنا نحن وكيل النائب العام.

بمطالعة محضر التحريات تبين أن المتهم، وآخرين خططوا ودبروا وعقدوا النية والعزم بسابق إصرار وترصد، على تنظيم مظاهرة احتجاجية للاعتراض على ما وصفوه بـ"تنازل مصر عن جزيرتين واقعتين ضمن حدودها لصالح المملكة العربية السعودية"، وأنهم فى سبيل تحقيق هذا الهدف حرضوا آخرين على التظاهر والنزول للشارع وإثارة البلبلة والفوضى وتكدير السلم العام وتشكيك المواطنين فى مؤسساتهم الوطنية.

س: ما قولك فيما هو منسوب إليك فى تحريات المباحث؟
ج: لا يوجد فيما ذكرته مذكرة التحريات أى اتهامات يمكن نفيها أو الإقرار بها.
س: هل خططت ونظمت وحرضت على التظاهر احتجاجًا على التنازل عن الجزيرتين؟
ج: نعم.. تهمة لا أنكرها وشرف لا أدعيه.
س: هل حصلت على موافقة قانونية لتنظيم هذه المظاهرة؟
ج: نعم.
س: ما سندك القانونى فى تنظيم المظاهرة؟
ج: المادة 65 من الدستور التى تنص على أن: "حرية الفكر والرأى مكفولة. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر".
والمادة 73 من الدستور التى تنص على: "للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الأحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحًا من أى نوع، بإخطار على النحو الذى ينظمه القانون. وحق الاجتماع الخاص سلميًا مكفول، دون الحاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصت عليه".
س: الدستور ينص على الإخطار، فهل أخطرتم السلطات بتظاهركم؟
ج: تعد علانية نشر دعوة للتظاهر أحد مظاهر الإخطار، وقد تم ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعى وعدد من الصحف السيارة، والمواقع المعتبرة كثيفة المتابعة.
س: ولماذا لم تخطروا وزارة الداخلية كما ينص القانون، وتنظروا فترة الرد التى يحددها القانون بسبعة أيام؟
ج: لأن القانون يتصادم مع الدستور، ويضع منح الحق فى التظاهر من عدمه فى يد السلطة التى من الطبيعى أن أغلب التظاهرات تتم ضد سياساتها، غير أن الأمر ولكونه له علاقة بالتراب الوطنى والحدود المقدسة، يصبح انتظار سبعة أيام من أجل الاحتجاج على قرار مصيرى غير ذى معنى.
س: ولأى سند تعتقدون أن إعادة جزيرتى تيران وصنافير فيه اعتداء على الحدود الوطنية؟
ج: المادة الأولى من الدستور تنص على أن: "جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شىء منها، نظامها جمهورى ديمقراطى، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون".
س: ألم تعرف أن سلطات الدولة تقول إن الجزيرتين ليستا ضمن حدود الدولة؟
ج: يدحض ذلك كل مظاهر السيادة والتملك التى مارستها السلطات كافة أمنية وعسكرية وبيئية ومحلية وتشريعية طوال قرن كامل من الزمان.
س: وما قولك فى أن هناك عشرات الدلائل التى تستند إليها الدولة فى قرارها بـ"إعادة" الجزيرتين للسعودية؟
ج: وهناك عشرات الدلائل الأخرى التى يمكن الإستناد إليها فى تأكيد ملكية مصر للجزيرتين، وكان لا بد أن تفسر السلطة "الوطنية" أى شك لصالح وطنها، وأن تتشبث بهما عبر تفاوض جدى وإجراءات صحيحة، لأنها السلطة المؤتمنة على رعاية مصالح الشعب.
س: وما تقول فى أن السلطة استشارت المختصين وأجهزة الدولة وأدارت مفاوضات مع الطرف الآخر وانتهت إلى هذه النتيجة؟
ج: كانت مفاوضات بعيدًا عن عين الشعب، ومستسلمة للمنطق السعوى وغير مكترثة بالحقائق التى كان يمكن الاستناد إليها فى التشبث بالجزيرتين.
س: أليس هذا حقًا من حقوق من يدير الدولة.. أن يبرم المعاهدات والاتفاقيات؟
ج: المادة 151 من الدستور تنص على أن "يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور.. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة".
س: ألم تقل السلطة إن الجزيرتين ليستا جزءا من إقليم الدولة من الأصل، وبالتالى لا ينطبق على الواقعة هذا النص الدستورى، وأن المسألة لا تتطلب استفتاءً، إنما مجرد موافقة مجلس النواب؟
ج: تقول السلطة إنهما ليستا من إقليم الدولة، ويقول خبراء مستقلون آخرون إنهما جزء من إقليم الدولة، فلماذا تنحاز السلطة لرأى دون رأى، وكيف أضمن كمواطن أن انحيازها صحيح، وكان لا بد أن تكون كالمحامى عن الشعب ترعى مصالحه وتسعى لتعزيز مكاسبه، وتستخدم أى شك لتعزيز مواقفه، ولا تفرط بسهولة فى أرض ثابت بكل دلائل الإثبات أنها فى حوزة مصر منذ قرن على الأقل، حين انتهت الحدود الشرقية على ما هى عليه.
س: ألا تلاحظ أن هذا الجدل ليس من اختصاص النيابة.. النيابة هنا لتطبيق القانون وأنت متهم بخرق القانون؟
ج: خرقت القانون للاحتجاج على خرق الدستور.. وأعتقد أن الأخيرة أشد خطرًا من الأولى؟
س: أتعترف إذن أنك شكلت جماعة على غير ما ينظم القانون؟
ج: أعترف.. جماعة الغرض منها الحفاظ على كامل التراب الوطنى، وصيانة حدود الوطن.

هذا وقد اعترف أمامنا أنه من مؤيدى الحفاظ على كامل التراب الوطنى، وانخرط لأجل ذلك فى تنظيمات وجماعات تمارس خرق قانون التظاهر وتثير البلبلة وتكدر السلم العام، وعلى هذا تقرر حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات ويراعى التجديد فى الميعاد.

* هذا المحضر تخيلى وأى تشابه بينه وبين الواقع يعنى أن المشكلة فى الواقع..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف