محمد نور الدين
إعلام.. "الإيذاء الوطني"..!!
انفلت الإعلام.. وضل الطريق. وأخطأ الهدف.. بعد أن أصابته الفوضي. وسيطر عليه الدخلاء والأوصياء.. وتحكمت فيه وجوه انتهي عمرها الافتراضي.. لكنها أصرت علي تصدر المشهد.. لتتخذ من الشائعات والأكاذيب منهاجا. ومن التنظير والتضليل أسلوبا..!!
كان من المفترض أن يساهم الإعلام بوازع وطني. وضمير خالص. في إعادة بناء وبقاء الدولة.. بتحفيز العمل والإنتاج. وتشجيع العطاء والإبداع. بتقديم المعلومة الصحيحة. ونشر الكلمة الصادقة.. وبالحفاظ علي القيم والمبادئ. وبصيانة الأعراف والتقاليد. وبتفنيد الآراء. وتوضيح الملابسات وباحترام القيم والرموز..!!
للأسف خيب الظنون.. وبدلا من أن يكون دعما وسندا للدولة في مواجهة التحديات والتصدي للمخططات.. صار عبئا عليها. وممارسا ضدها. ومحرجا لها.. وساهم بقدر كبير في إضعاف الموقف المصري في قضايا مصيرية ودولية.. بداية من "سد النهضة".. ومرورا بأزمة الطالب الإيطالي.. وبيانات المنظمات العدائية الخاصة بحقوق الإنسان.. وانتهاء بقضية صنافير وتيران!!
سمح للدخلاء والمنظرين والأوصياء بالسيطرة علي الساحة.. يتطاولون علي القيم والرموز.. يتجاوزون حدود الأدب واللياقة.. يزعمون الفهم والعلم.. وهم أقرب للجهل والتسطيح.. ينادون بالحرية والديمقراطية.. ويمارسون أبشع ألوان القهر والديكتاتورية.. يظنون أنهم أعلي وطنية. وأكثر غيرية.. وهم في الحقيقة أعلي إسفافا وأكثر إيذاء..!!
يعتمدون علي الإثارة والتهييج.. توهما بأنه الأسلوب الأضمن لتواجدهم وتأثيرهم وعدم المساس بأجورهم.. لم يجد أي منهم مصلحته مع القيادة السياسية.. فانقلب يهاجم ويشوه ويشن حربا للإيذاء الوطني.. يهول من الأخطاء. ويطمس النجاحات والطفرات.. يشكك في الحقائق ويدعم الأكاذيب.. يتلاعب بعقول البسطاء بالتضليل والمزايدة والتزييف.. يتفنن في إيذاء المشاعر والهجوم علي المعارضين بالحناجر المسيئة والأفواه المسفة.. ساعيا لنشر الإحباط. وزرع اليأس في النفوس..!!
بالتأكيد.. لا أحد يصادر حق المعارضة والاختلاف.. لكن علي أسس موضوعية ومنطقية وأسانيد دامغة.. ويتوفر الاحترام المتبادل وعدم تخوين الآخرين.. كما أن النقد الهادف يعتمد علي تناول الحقائق ومناقشة البدائل.. ولا يعني أبدا الاستهزاء والاستعلاء.. وكذلك حرية الفكر أساسها التقدير والالتزام.. ولا تهدف إطلاقا إلي المساس بالمعتقدات. والاعتداء علي الحرمات. والنيل من القامات والهامات.
لقد أدي غياب الضوابط التي تحكم الأداء الإعلامي إلي الوصول لتلك الحالة المتردية.. وسوف ينتقل الحال من سيئ إلي أسوأ.. طالما بقيت "الساحة" خالية من تشريعات منظمة.. وجهة قومية مسئوليتها تقييم العمل الإعلامي وتصويب أدائه.. وبالتالي لزم الإسراع بإصدار قانون الإعلام.. للنهوض بالمنظومة. وتحديد أهدافها وتصحيح بوصلتها نحو الوطنية والقومية وإعلاء المصالح العليا.. إلي جانب تنقية الساحة من المغرضين والجهلاء والمحبطين.. أمثال الراعي الرسمي للإحباط.. وتابعه الوجه القبيح للغرور والاستكبار..!!