الوطن
د. محمود خليل
السبيل (22)
الرفاق الثلاثة اتفقوا فى الهدف «الرغبة فى السيطرة» من خلال تدليك من حولهم بالدين، لكنهم اختلفوا بعد ذلك فى الوسائل، الغشوم مصطفى كان ميالاً إلى القهر والاستبداد، مقتنعاً بعبارة «من يقف فى منتصف الطريق تدهسه العربات»، وطارق كان ناعماً، يخضع للناس بالقول، رغم أن بركان الغضب داخله، لم يكن يقل اشتعالاً عن مصطفى، لكن الجبن وقلة الجرأة كانت أشبه بالنار التى تنزل عليه فتطفئه، أما «على» فكانت قوته فى «انبطاحه»، يؤمن أن الرأس التى تنحنى للريح أكثر قدرة على البقاء، وأقدر على الوصول إلى أهدافها.

- مصطفى: فاسقون! يستحقون الوطء بالمراكيب!.. أولاد الأفاعى والثعابين فرحون بما هم عليه من معصية الله!.. ليس لديهم وقت للطاعة!.. وقتهم كله مشغول باللهو واللعب!. والله يا طارق أنا أرى أن نجمع إخوة السبيل وننتظرهم عند الخروج من مسمط «عضمة الكلب»، ونأخذهم جماعة جماعة، ونضرب كل جماعة منهم علقة يتوبون بعدها إلى الله. ونأخذ أموالهم غنيمة نوجهها إلى خدمة الدعوة. ومن لم تربه الأيام والليالى نربه نحن؟!.

- طارق: لا يا أخ مصطفى!.. نحن طلاب حق ولسنا طلاب مال!.. وأنا أرى أن نكرر معهم المحاولة ثانية. ربما تلين قلوبهم!.

- مصطفى: هؤلاء ليس لهم دعوة: «وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذن أبداً».

- طارق: لماذا نيأس؟!.. لقد ظل الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس مرة واثنتين وثلاثاً حتى انصاعوا إلى أمر الله.

- مصطفى: ما هذا الكلام يا طارق؟!.. إن هذا الشباب من زبائن «عضمة» هم أس البلاء ومصدر الفساد فى السبيل، لا ترى أحدهم إلا وبرفقته أنثى. وهم سادرون فى غيهم. سعيدون بما هم عليه من ضلال. لا بد من استئصال شأفتهم وتطهير أرض السبيل منهم!.

- طارق: لا يا مصطفى!.. الأفضل إذا لم ندعهم ثانية أن نتركهم لحالهم وندعو لهم بالهداية. ونوجه مجهودنا لدعوة الناس هنا فى السبيل. فأهله طيبون سريعو الاستجابة، كما أنهم أكثر تديناً بفطرتهم. «وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى».

رغم أن طارق وعلى ومصطفى يعملون فى نفس الاتجاه، فإن كلاً منهم كان يسير فى اتجاه. له طريقته التى يظن أنها الأفضل للوصول إلى الهدف!.. طارق يزعم أن فطرة الناس جميعاً سليمة. وأنه بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة يمكن أن تلين قلوبهم. ومصطفى ليس له الثقافة الدينية المتحققة لدى طارق، وليس له أصلاً جَلد على التثقف. فاختار أن يكون سمعى الثقافة. يعرف ما يسمعه فقط فى الجلسات. لم يستطِع أن يجارى طارق القارئ، لذا فقد كان شديد الغيرة منه، خصوصاً أن هذه الثقافة المتميزة يسرت لطارق أن تكون له القيادة المؤقتة لأسرة السبيل. كان مصطفى يحبذ العنف!. فالدنيا زحام. والكثرة الغافلة تعرقل مسيرة القلة العاملة، كما تعرقل زحمة المنزل الصغير الذى يعيش فيه مسيرة حياته!. أما على فلم يكن يميل إلى تكوين أحكام سريعة فى الأشخاص والأحداث. ولم يكن يحب أن يجهد نفسه فى ذلك. دائماً ما كان يميل إلى الرأى الذى تميل إليه الجماعة. وعندما كان يختلف طارق ومصطفى فى أمر كان ينتظر رأى الدكتور عادل صلاح فى المسألة لينحاز إليه.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف