كمال الهلباوى
الاختراعات العلمية والاختراعات الفقهية 1-2
العالم يتقدم من حولنا كل دقيقة، يتقدم حضاريًا وتقنيًا وعلميًا، وإن شاب هذا التقدم تشويه بعض القيم الدينية الجميلة، سواء القيم الموسوية نسبة إلى سيدنا موسى، أو المسيحية نسبة إلى سيدنا المسيح أو الإسلامية نسبة إلى سيدنا محمد عليهم جميعًا أفضل الصلوات وأتم السلام. وهى الديانات الثلاث التى تعرف باسم الديانات الإبراهيمية، أى تلك التى ظهرت فى ذرية إبراهيم عليه السلام، وبشكل خاص فى ذرية أبنائه إسماعيل وإسحاق.
والذى لا يرى هذا التشويه الذى أشير إليه هنا فما عليه إلا أن ينظر إلى ما يفعله الصهاينة فى فلسطين باسم اليهودية، ليدرك أن فعلهم يخالف تمامًا الرسالة الموسوية، ومن ينظر إلى بعض أفعال أمريكا المسيحية يدرك بعدها تمامًا عن قيم المسيحية، ومن ينظر إلى أوضاع المسلمين اليوم من التفرق والتشتت والتخلف يدرك كم بعدت الأمة عن قيم الإسلام.
من أسباب وأساليب التقدم الحضارى والتقنى والعلمى وغير ذلك من المجالات والميادين، يأتى فى المقدمة البحث العلمى الجاد، الذى يقدره الغرب ويقوم به ومتطلباته، فيكسب الغرب بذلك تفوقًا وهيمنة وإنتاجًا للاستهلاك والتصدير وتجارة ورواجًا فى الاقتصاد وتقدمًا فى التعليم والطب والاقتصاد وحتى فى ميدان الأمن وأدواته ومتطلباته، ولكل ذلك فإنك ترى الغرب سابقًا اليوم، ويخفى عن الجانب الآخر بعض أسرار تقدمه العلمى، حتى يظل الفارق كبيرًا وشاسعًا. كما ترى من حركة العملة الصعبة وقيمتها فى أسواق العالم الثالث، والدولار فى مصر شاهد على ذلك.
إذن هناك اختراعات علمية وتقنية فى الغرب تسهم فى وفرة الإنتاج والتقدم والقوة والاحترام أو الخوف أو القهر.
وهناك بداية اختراعات علمية وعملية فى بلاد العرب والمسلمين قد لا تلقى الاهتمام الكافى من الحكام والمسئولين، ولذلك فإن هذه الكفاءات تسعى فى البحث عن بيئة علمية تحتضن تلك الكفاءات فى المناخ البحثى المناسب وتلك البيئة الحاضنة، ومن تلك الكفاءات على سبيل المثال لا الحصر الدكتور فاروق الباز والدكتور أحمد زويل والدكتور مجدى يعقوب. المسئولون فى بلاد العرب والمسلمين يهتمون بأمور أخرى أكبر من اهتمامهم بالعلم والبحث العلمى لأسباب محلية وخارجية، وبذلك قد تكون هناك اختراعات فقهية غريبة، ليس لها من وسطية الإسلام شيء، وهى بعيدة كل البعد عن الفقه العظيم، ولذلك يسميها الدكتور أحمد كمال أبو المجد فقه النكد. وبعضها من الاختراعات التى تعين فى تقسيم الأمة وتفتيت الأوطان، مما يبعد مفهوم الأمة الواحدة، ويفرح كل مسئول كبير بما يفرضه الغرب، وكأننا نعيد بأنفسنا نتائج وإنتاج سايكس بيكو بعد مائة سنة تقريبًا.
من هذا الفقه أو الاختراعات الفقهية الفتاوى التى تتعلق بالاستعانة بالأمريكان والتحالفات الغربية والعربية والإسلامية ضد بعض بلدان العرب والمسلمين أى ضد النفس. ناهيك عن الفتاوى التى تدعو إلى الفتن المذهبية والطائفة والتى قد يكون لها أصل فقهى ولكن الظروف القائمة لم تعد مناسبة أو ملائمة لها وذلك لتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والأوضاع، حيث حل مفهوم المواطنة اليوم مثلًا فى معظم البلدان محل أوضاع سابقة.
ولذلك فمن الضرورى تعويد الطالب فى مراحل الدراسة المختلفة على التنقيب عن الحقائق، واكتشاف آفاق جديدة من المعرفة، والتعبير عن آرائه بحرية وصراحة. وقد لخص بعضهم الأهداف الرئيسية لكتابة الأبحاث فى مراحل التعليم المختلفة فى إثراء معلومات الطالب فى موضوعات معينة.
ثم الاعتماد على النفس فى دراسة المشكلات وإصدار أحكام بشأنها.
واتباع الأساليب والقواعد العلمية المعتمدة فى كتابة البحوث.
والتعود على استخدام الوثائق والكتب ومصادر المعلومات والربط بينها للوصول إلى نتائج جديدة يتفوق بها الطالب على ما هو قائم. وكذلك التعود على معالجة القضايا بموضوعية ونزاهة ونظام فى العمل والتعود على القراءة المستمرة والمستجدة وتحصين النفس ضد الجهل. وهذه الأعمال وهذا الإعداد من علامات حب الوطن والرغبة فى الارتقاء به. وللحديث صلة.
والله الموفق