الوفد
عصام العبيدى
إشراقات -مصر.. فى «محرقة» أولادها!
إذا أردت التعرف على مصر بعد الثورة.. فتعال إلى «الفيس بوك» و«تويتر» ومن قبلهما الفضائيات.. ستجد فيهما العجب العجاب.. حالة رهيبة من الجدل العقيم.. انتقلت للأسف إلى الشارع المصرى.. فتلقفها جنرالات المقاهى.. فأصبحت شغلهم الشاغل!
فمن بين متصل لفضائية مصرية يقول «أنا لو السيسى.. قال لى إن ابويه مش ابويه هصدقه»!
إلى متصل لقناة الجزيرة.. لسان حال عصابة الإخوان.. فتجد أن صورة الرئيس لديهم.. أبشع من صورة أبولهب.. أو هولاكو العصر!
حالة بشعة من الاستقطاب.. لم تشهدها مصر طوال تاريخها الطويل.. جعلت الجميع ينظر للمشهد بعين واحدة!
وغاب عن المشهد.. ما يمكن أن نسميه «العقل الحكمى».. الذى يحكم بمجمل الأقوال والأفعال.. وليس باصطياد كلمة شاردة من أحاديث الرئيس من هنا وهناك!
لدرجة عندما قال الرئيس أنا مستعد لـ«بيع» نفسى من أجل مصر! رآها المؤيدون قمة البذل والعطاء حتى وصل الأمر بالرجل لاستعداده بيع نفسه! بينما رآها المعارضون قمة المهانة.. أن يتحدث رئيس مصر بهذه اللغة!
وهنا وضح للكافة غياب العقل ومعايير العدل من الطرفين.. فمعسكر لا يصدق السيسى.. حتى لو تلا بلسانه قرآناً كريماً!
وفريق آخر يصدق الرجل حتى لو نطق كفراً بواحاً!
فريق بات يكره الوطن.. ويتمنى له كل شر.. ويتربص بكل شاردة وواردة لمجرد كرهه لشخص الرئيس.. بل ويتمنى للرجل الفشل حتى لو أدى ذلك لفشل وخراب بلده!
وفريق آخر من «المبرراتية» الذين يبررون للرجل أى خطأ.. حتى لو كان على حساب الوطن.. فالرئيس.. أى رئيس فى رأيهم لا يخطأ أبداً.. وﻻ يأتيه الباطل من خلفه.. وﻻ من أمامه.. وكأن كلامه من الوحى.
وإذا سألتنى عن خطورة.. هذه الحالة الشديدة من الاستقطاب.. لقلت لك إن كلا الفريقين خطر على مصر.. فالأول يبرر ويزين كل خطأ للحاكم.. والثانى يهيل التراب على كل عمل.. وينكر أى إنجاز حتى لو كان واضحاً وضوح الشمس!
إذا سألتنى عن كل هذا الاستقطاب.. لقلت لك إن ذلك كله حصاد الجهل.. وعرض من أعراض الثورات.. فكل التيارات يدعى احتكاره للحق المطلق.. وهى ظاهرة تحتاج لدراسة مستفيضة من علماء النفس والاجتماع.. قبل أن نطالب الساسة بحلول للأزمة!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف