الجمهورية
يسرى السيد
ازمة مصر الحقيقية في الثقافة..كيف؟
الإرهاب والعنف والتطرف يرتكزون علي ثقافة وفكروفتاوي. فإذا حاربت عنفهم بالسلاح فقط. تكون قد حاربت الإرهابيين ولم تحارب الإرهاب وهو الاهم..المهم ان تقضي علي الاساس..علي فكر التطرف والإرهاب والعنف لانه بدون ذلك تكون مثل الفلاح الذي ¢ يحش ¢ اي يقص الحشائش الضارة من فوق سطح الارض دون ان يحرث الارض ويحرق الجذور ويبيدها فتنبت من جديد ... وهذا هو دور الثقافة الحقيقي !!.
الاقتصاد ومدارسه وبوصلاته وادواته... ثقافة وفكر. وبدون الرؤية الثقافية والحضارية لاي قيادة اقتصادية لمجتمعها تفشل معها الخطة من اي مدرسة اقتصادية لاتتلائم معها ....والسياسة..ثقافة ..بدونها تتحول الي انتهازية وحيل.. ورجل الامن بلا ثقافة يتحول الي جلاد ..وهكذا ...وماوصلنا اليه نتاج انفصال كبير في الشارع بين العمل الثقافي والجمهور. لذلك اصبحت التربة خصبة امام افكار المتطرفين والإرهابين..لذلك اول مايخاف منه هؤلاء هو النور. اقصد الوعي..اقصد الثقافة..اقصد حرية الفكر..لذلك تكون حربهم الاولي ضد رموز الفكر والابداع والتفكير حتي يسهل عليهم بعد ذلك الانقضاض علي عقل الجماهير في ظل تغييب عقوله المفكرة والمبدعة ... لذلك قتلوا فرج فودة وطاردوا طه حسين ومصطفي عبد الرازق ود. نصر حامد ابوزيد وحاولوا قتل نجيب محفوظ والقائمة مستمرة في اخافة وافزاع بعض المثقفين اذا لم يستطيعوا قتلهم. لان الترويع والمطاردة ابشع من القتل في الاثر النفس علي الباقين .
ورغم ان القضاء علي الرموز الابداعية والفكرية امر خطير لكنه بسيط. لان العدو الظاهر هنا يمكن مواجهته في نهاية المطاف. اكثر من الخلايا النائمة في مؤسسات وزارة الثقافة وباقي مؤسسات الدولة التي تحاول تعتيم واغلاق اي انشطة ثقافية. اما بالغلق المباشر او بتطفيش المبدعين منها بوضع العراقيل حتي يضطر المبدعون في نهاية الامر رفع الراية البيضاء ... والمظاهر مختلفة اما تقليص الميزانيات للانشطة الثقافية او تضخيمها بشكل سرطاني يؤدي في النهاية لوقفها. او الغاء مهرجانات او اغلاق مجلات ثقافية او منابر ابداعية او تسليم معاقل ثقافية مثل دور السينما لوزارة الاستثمار..الخ باختصار هناك خطط متجددة وممنهجة منذ فترة في تعتيم كل منافذ الفكر والضوء ....لذلك كان الله في عون اي وزير ثقافة من الاعداء الرابضين داخل وزارته. اما الاعداء خارجها فيمكن تحقيق بعض النصر عليهم علي الاقل ..
ــ فنجان شاي نسيناه انا وهو عندما تطايرت الاسئلة بيني وبينه..مباراة صحفية ثقافية كانت بين الثنين من الجورنالجية ... انا وهو ... ذهبت اليه وانا محمل بالاسئلة ..هو الصديق حلمي النمنم وزير الثقافة الذي زاملته لنحو 30 عاما في تغطية الانشطة الثقافية ومعرفة كواليسها بوزارة الثقافة والجامعات والاحزاب ... اسئلة من عينة كيف يتعامل الصحفي مع المنصب التنفيذي؟ ....وكيف تتشابك الرؤية الصحفية مع الرؤية الثقافية؟ ... وهل يكبل المنصب الوزاري قلم الصحفي وماهي اصعب المواقف الصحفية والتنفيذية التي مر بها... وما موقفه من التطبيع مع العدو الاسرائيلي..الخ
ــ قلت في البداية انت وزير في وزارة حرب ورأس الحربة لمواجهة الفكر المتطرف هي وزارة الثقافة ..ماهي اسلحتك؟
قال : عندي هيئات مستقرة وناجحة واخري بها مشاكل مثل قصورالثقافة نعمل علي حلها.
ــ قلت الدولة العميقة عصية جدا من أي فكر ثوري للتطوير؟
- لا أحب مصطلح الدولة العميقة أفضل البيروقراطية المصرية انت بتتكلم عن بيروقراطية عمرها 7000 سنة
ــ قلت يقدر موظف صغير يوقف تأشيرة وزير؟
قال : مش بس تأشيرة وزير لكن يعطل سياسة كاملة !!
ــ قلت اعطني نموذجا؟
قال كنا نعد لمهرجان أبو سمبل ومحتاجين لفرق فنية وهو مهرجان أهتم به ليس فقط بسبب السياحة لكن لأنه يعبر عن انجاز مصري حقيقي نجح فيه العمال المصريين بادوات بسيطة نقل250 الف طن من الصخر وعملوا أرضية رمل 300 ألف طن ونجحوا في تنفيذ تصوراليونيسكو ود. ثروت عكاشة لحماية المعبد بنقل واقامة كتل خرسانية وزنها يتجاوز200 ألف طن وعلي فكرة انا ضد أنا ضد مقولة مصر هبة النيل لأن مصر هبة المصريين وهذا له معني آخرخاص بأزمة سد النهضة لان النيل تحول بإيدي المصريين من مستنقعات ومصدر للأوبئة للحضارة
ــ قلت: نعود للخلايا النائمة في تعطيل الانشطة الثقافية؟
قال بعد ما أعطيت التأشيرة لاقامة المهرجان واستدعاء الفرق الفنية وبعد اسبوعين فوجئت أنه لم يتم شيء قلت : لماذا؟ قال لان ¢موظف قال احنا مالنا والمهرجان. دا شغل محافظ اسوان ووزارة السياحة ¢. اضطررت للتدخل بشكل شخصي وتابعت بنفسي كل التفاصيل حتي يقام المهرجان في موعده .وكل أسبوع ممكن تمر بأزمة من هذا النوع.
ــ قلت مواقفك الصحفية جعلتك في مرمي النيران من أول يوم توليت الوزراة ...هل تستطيع أن تكتب عن نفس هذه القضايا الآن أم حساسية موقعك تمنعك؟
قال : بالنسبة الي أكتب لكن مرمي النيران كان مصدره معروفا وهو الإخوان المسلمين لكنهم الآن خرجوا من دائرة المباشرة لدائرة غير المباشرة مثل ان يأتي أحدهم ليقول وزير الثقافة في المهرجان الفلاني رفض أنه يقوم أثناء عزف السلام الجمهوري وأثار استياء الحاضرين وهذا غير حقيقي ..أواحد يقولك دا بيعمل متحف لديلسيبس!
ــ قلت : هل هذه المؤامرات جزء من المؤامرات علي الدولة؟
قال : في تصوري الشخصي هناك ضغط نفسي رهيب يُمارس علي الدولة وعلي مؤسسات الدولة من اجل الوصول للهدف وهو اسقاط الدولة ¢لحد ما تقع لوحدها¢.ويستفيدون من تجربة الصهاينة.مثلا في مذبحة دير يس في 1948 دارت الميكروفانات الصهيونية تعلن عن وجود المذابح في كل مكان حتي يهرب الفلسطينيون.
ــ قلت : نواجه كل فترة مشكلة نصنع فيها أبطالا من ورق بسبب حرية الإبداع فما هي أزمتك ككاتب ووزير للثقافة؟
الأزمة ليست في أني كاتب أو وزير للثقافة إنما في أني لا أجد دفاعا صادقا عن حرية الإبداع.أنا موقفي واضح قبل ما اكون وزيراً وبعد ما بقيت وزير. أنا بالمطلق ضد أي عقوبة سالبة لحرية النشر والإبداع وناضلنا في نقابة الصحفيين منذ القانون 93 سنة 95 في سبيل هذه القضية ومُصرون عليها وفي نهاية الأمر الفكر بالفكر والرأي بالرأي.المشكلة أن هؤلاء المبدعين صدرت ضدهم أحكام قضائية فيجب التعامل معها قضائيا وقانونيا. لكن المشكلة أننا نعيش كمبدعين في نطاق رد الفعل.كل قضية من هذه القضايا الثلاثة كان يمكن ألا تصل لحالة السجن بمرافعات جيدة وبالانتباه للآليات القانونية : وسأعطي لحضرتك مثالاً:
كنت نائبا لرئيس تحرير جريدة المصور وكان مكرم رئيسا للتحرير وكان ¢زعلان¢ من أحد المحررين لأنه لا ينجز أي موضوع صحفي فطلب منه شُغل وهدده انو مش هياخد مرتبك كنوع من تشجيعه غاب زميلنا أيام ورجع بحوار مع الفنانة يسرا.كان الحوار حادا جدا وعنيفا ¢يترفع عليها فيه 50 قضية ¢.بعد نشر الحوار انقلبت الدنيا ووصل للمجلة إنذار و بلاغ من الفنانة يسرا في النيابة بأنها لم تجر هذا الحوار ولا التقت المحرر. كان في مشكلة كبيرة وكلام عن تقديم اعتذار وانا اتصرفت بشكل قانوني ونشرت اعتذار في برواز كبير في المجلة والنتيجة سحبت يسرا البلاغ.للأسف احنا عندنا وَلَع نوصل القضايا لحافة الأزمة وبالنسبة اليّ الأولوية هي ألا يسجن الكاتب لكن للأسف البعض يهتم باستخدام تلك القضايا ضد الحكومة. ولا يهتم هل يسجن الكاتب أم لا؟...باختصار المجتمع الثقافي لم يحسم أمره في مسألة حرية الإبداع وقبل الحكم بحبس احمد ناجي كان لي تصريح اني ضد الحبس لكنّي فوجئت بثلاثة من أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكتاب بيقولولي :احنا انزعجنا من تصريحك واللي أخطأ بالقانون يُعاقب بالقانون !....في قضية نصر حامد أبو زيد كان في اجتماع جمعية عمومية لاتحاد الكتاب.لكن في قضية أحمد ناجي الفاعلية الوحيدة اللي تمت كانت في نقابة الصحفيين ولم يتجاوز عدد الحضور 30 فرداً ولم يحضر من قيادات مجلس النقابة سوي مسئول لجنة الحريات ولجنة الثقافة رغم انه في مثل هذه الظروف من الضروري لابد من وجود قيادات مجلس النقابة لكن انا عارف ليه ما حضروش. أحدهم قال لي تم توجيه نقد عنيف لنا ازاي تدافعوا عن قلة الأدب ومع ذلك انا ضد العقوبات السالبة للحريات في قضايا الإبداع والنشر.
ــ قلت : بغض النظر عن مستوي الإبداع؟
قال : حتي لو كانت الكتابة بذيئة.هناك طرق كثيرة تتعامل بها المجتمعات غير مسألة الحبس لأن رد الفعل بيكون أخطر مليون مرة وقضية حرية الكاتب قضية عالمية وحسمت ولا مجال للنقاش فيها.
ــ قلت : سيادة الوزير حضرتك كنت معايا في الكواليس الصحفية وكنا نعرف تفاصيل ذهاب البعض للابلاغ عن نفسه؟
قال : لا أريد أن أخوض في تفاصيل من هذا النوع لكن في الـ3 قضايا هناك تفاصيل مخجلة. ومن موقعي كوزير ومن أجل أنني أتحدث عن زملاء مبدعين فلن أذكر تفاصيل.
ــ قلت هل تختلف المواجهة باختلاف وسيلة نقل الفكر بمن مجلة لجريدة لقناة تليفزيونية؟
قال عندما نتحدث عن كتاب تكون العلاقة بين الكاتب والناشر لكن في جريدة يومية المجتمع يكون طرف معاك لذا القضية رفعت علي الجريدة وعلي الكاتب لأنها بتدخل في بابا الملكية العامة فالمساءلة القانونية أكبر.
ــ قلت هل مثل هذه القضايا جزء من معركتنا مع الإرهاب والتطرف؟
كما أن هناك حدة في أفكار التطرف والتشدد من جهة هناك بعض أصدقائنا المثقفين بيردوا بحدة مشابهة فتحدث درجة من درجات الاستقطاب وننسي أن المجتمع به قانون ومؤسسات قضائية وهناك محاذير يجب أن نتريث فيها.أنا فاكر أن مرة زمان في قضية علاء حامد قابلت د. ثروت عكاشة وقال لي:كونوا عقلاء وأثبتت الأيام إن كان عنده حق....فعندما تنشر كتابا عند ناشر خاص ¢ماحدش له عندك حاجة¢ لكن في مؤسسة عامة كوزارة الثقافة أو دار الهلال أودار التحرير تعتبر ملكية عامة وملك الشعب زي اللي حصل في أزمة رواية وليمة لأعشاب البحر رغم أن الرواية لم تتكلف إلا 800 جنيه وأن القراءة فعل اختياري.
ــ قلت : هل نصنع أبطالا من ورق؟
قال في النهاية لا يبقي إلا الأصيل وفي التسعينات حصلت عشرات المعارك لم يبق منها إلا ماحدث مع نجيب محفوظ ونصر حامد وفرج فودة .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف