الدستور
د. مينا بديع عبد الملك
لا تكون لكم شركة مع الأشرار
لا تكون لكم شركة مع أهل الظلمة الذين يدبرون الشر ضد الصالحين، بل بالحرى قوموا بتوبيخ أعمال الأشرار، وهناك العديد من النصوص التى وردت فى الكتاب المقدس توجه الإنسان لتوخى الحذر من الانسياق وراء الأشرار، أذكر منها الآتى: ورد فى سفر المزامير لداود النبى: «جد عن الشر، واصنع الخير، اطلب السلامة، واسع وراءها».
ورد فى سفر الأمثال لسليمان الحكيم: «من يطلب الخير يلتمس الرضا، ومن يطلب الشر فالشر يأتيه»، وأيضاً: «لا تحسد أهل الشر، ولا تشته أن تكون معهم»، وأيضاً: «لا تمنع الخير عن أهله، حين يكون فى طاقة يدك أن تفعله».
ورد فى إنجيل القديس متى: «لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً»، ورد فى رسالة بولس الرسول إلى أهل روميه: «المحبة فلتكن بلا رياء، كونوا كارهين الشر، ملتصقين بالخير»، وأيضاً: «لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير»، ورد فى رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين: «وأما الطعام القوى فللبالغين، الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة على التمييز بين الخير والشر»، ورد فى رسالة بطرس الرسول: «ليعرض عن الشر ويصنع الخير، ليطلب السلام ويجد فى أثره»، ورد فى رسالة يوحنا الحبيب: «أيها الحبيب، لا تتمثل بالشر بل بالخير، لأن من يصنع الخير هو من الله، ومن يصنع الشر، فلم يبصر الله».
ومن هنا تحرص الكنيسة القبطية الواعية - على مر العصور- أن تقدم لأولادها التعاليم النافعة من أجل سلامة حياتهم الأرضية والفرح الدائم فى حياتهم السمائية، ليس فقط من خلال نصوص مكتوبة فى الكتاب المقدس ولكن أيضاً من خلال آباء بطاركة وأساقفة وكهنة يحيون حسب روح الإنجيل وتعاليم الآباء بكل تواضع ومعرفة حقيقية، بعضهم عاشوا فقراء - وقد رأى جيلنا نماذج منهم متمثلة فى البابا كيرلس السادس «١٩٥٩-١٩٧١»، والمطران الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف الراحل «١٩٦٢-٢٠٠٠»، وكاهن الإسكندرية الأب بيشوى كامل إسحق «١٩٥٩- ١٩٧٩»، هؤلاء قدموا صورة طيبة لشعبهم من خلال حياتهم التقوية التى كانت تتميز بالبساطة والمصالحة مع الجميع والسعى نحو عمل الخير والصدق فى القول والبعد عن مظاهر الترف والرياء والنفاق فكانت حياتهم شمعة مضيئة فى طريق الآخرين، بل وقادوا الكثيرين إلى معرفة الخير والسعى نحو الأعمال الصالحة.
أذكر عندما سافرت للدراسة بكندا فى سبتمبر ١٩٧٥ بإحدى جامعات تورنتو أن استقبلنى أحد أصدقائى القدامى من الإسكندرية وكان أحد خريجى هندسة الإسكندرية، واستضافنى فى منزله، فى اليوم التالى عندما غادرت منزله متوجهاً لبدء دراسة الماجستير بجامعة «يورك»الكندية، قال لى هذه النصيحة الغالية: «هنا غير مصر!! هنا طريق الخير واضح جداً، وطريق الشر واضح جداً، اختر طريق الخير لتحيا»، وطوال فترة دراستى - وحتى هذه اللحظة - ترن فى أذنى تلك النصيحة الغالية، فمن أراد الحياة الصالحة فليبتعد عن طريق الأشرار ومجالسهم ومخاطباتهم ومشاركتهم فى أفكارهم لأن أفكارهم شريرة ومدمرة، لأن من يصنع الخير هو من الله، ومن يفعل الشر لا يعرف الله.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف