** تميزت مؤخرا حفلات الغناء الفردي لفرقة أوبرا القاهرة والتي يطلق عليها "جالا كونسرت" بتقديم أغاني "آريات" جديدة بعضها نستمع إليه لأول مرة في دار الأوبرا مما يمثل اضافة للساحة الفنية ويعود بالفائدة علي الجمهور كما انه يضيف للرصيد الفني للفنان ويمنع التكرار الممل حيث كانت هذه الحفلات تقتصر علي مقتطفات من الأوبرات التي سبق أن قدموها دون أن يبذل الفنان جهدا في تقديم أعمال جديدة ولكن مع الأسلوب الجديد والحرص علي الأداء الجديد أصبحت هذه الحفلات تحظي باقبال جماهيري كنا نتوق اليه من فترة طويلة وهذا بدون شك يحسب للسبرانو ايمان مصطفي مديرة الفرقة.
هذا النوع من التجديد بدأ يظهر أيضا في حفلات الغناء الفردي للمغنين وقد تجلي هذا واضحا في حفل الريستال الغنائي الذي قدمته السبرانو تحية شمس الدين بالمسرح الصغير بمصاحبة عازفة البيانو مايا جيفنيريا حيث لم تقدم أغنيات من الأوبرات التي سبق ان أدت أدوارها إلا أغنيتين من أوبرتي الناي السحري لموتسارت ولابوهيم لبوتشيني أما باقي البرنامج شدت فيه تسع أغنيات عالمية متنوعة تناسب درجة صوتها العذب الجميل منها آرية جيوفانا من أوبرا "جيوفانا اركو" لفيردي وعمل من متتالية شعبية لدفايا وغناء البلبل لكورساكوف وغيرها من الأعمال ولكن الاضافة الحقيقية لتحية والتي أيضا تميزها عن الآخرين انها تجيد الغناء باللغة العربية وسبق ان شاهدت لها تجارب غناء شرقي بحت ولكن هنا خصصت فاصلا كاملا لغناء أعمال باللغة العربية تم تأليفها وصياغتها في الإطار العالمي القائم علي أسس علمية فقدمت لنا أغنية جمال عبدالرحيم الشهيرة أنا بنت السلطان وأغنية الرحبانية لا أنت حبيبي وموشح لما بدا يتثني لسيد درويش الذي لأول مرة نستمع له بمصاحبة البيانو وبدون تخت شرقي ومن أعمال المؤلف الموسيقي علي عثمان - والتي أري انها أهم اضافة في هذا الحفل - قدمت لنا ثلاث صور من غزة للشاعر صلاح عبدالصبور وقصيدة "قالت" وللشاعر فاروق جويدة غنت قصيدة "لا ترحلي" والتي تعد من أعمال علي عثمان الرائعة وبشكل عام ابداعات عثمان رغم انها أوبرالية ويتم أداؤها بمصاحبة البيانو ولكن عالج فيها النطق العربي السليم أيضا كما ان الميلوديات ذات الروح الشرقية تظهر فيها بوضوح وهذا في حد ذاته نقطة تطور كبيرة في مؤلفات الموسيقي العربية ذات الصياغة العلمية.. ود.تحية شمس الدين عضو في فرقة أوبرا القاهرة ورئيسة قسم الغناء بالكونسرفتوار أما المؤلف الموسيقي والمايسترو د.علي عثمان من المؤلفين الجادين والذين حصلوا علي عدة جوائز عالمية كما انه قائد أوركسترا النور والأمل.. التحية له ولكل المغنين الذين يقدمون لنا الجديد سواء في الحفلات الجماعية للفرقة أو حفلات النجوم الفردية والتحية الأكبر لحركة التأليف المصرية التي نتمني أن تتبناها الدولة ويتم ابداع أعمال أوبرالية كبيرة تجعلنا نقترب من التقدم الموسيقي الكبير الحادث في العالم المتحضر لأنه كما أقول دائما "الحضارة في الإبداع".