الأخبار
يسرى الجندى
الســوس!
منذ سنوات أهداني صديق مكتباً اتقن صنعه.. كان من الطراز الفرنسي رشيق القوائم رغم صلابته وظللت استخدمه كبابة في الإسكندرية لسنوات وفجأة إنهار وكشف عن خواء كامل في كل كيانه.. كان سوس الخشب قد تسلل إليه وأخذ يتآكله دون أن تحس أو أن ينبيء مظهره الجميل عن شيء. وحين علم صديقي بالأمر ألح علي في أن أبعده بسرعة عن كل الأثاث الخشبي بالشقة وألا مكان له إلا في خرابة أو يحرق كاملاً.. تذكرت ذلك فأحالني إلي سؤال: هل تملك طائفة من الكذبة والمنافقين.. مدعي الوطنية والوعي السياسي الذي لا يناقش أن يفسدوا حياة أمة حسب مصالحهم أو مصالح من يستخدمهم؟ الإجابة قطعاً لا.. بدليل أنهم خلال ثلاثة عقود وما قبلها.. لم يمنعوا سقوط نظام مبارك الذي آواهم وهذه الطائفة جبلت علي هذا ولا تندثر إلا باستئصال كامل.. شأن المكتب الذي ذكرته.. غير أنها تركت ولاتزال تعيش الآن بل تقوم بدور من أخطر أدوارها في أعقاب ثورة الشعب في 25 يناير.. بدأ دورها بالتشكيك في ثورة يناير.. وفي دور شباب ثورة يناير وفيما أنجزت ومالم تنجز ثورة يناير.. الخ.. وبالتالي نفي أنها ثورة أصلاً كي تلغي من ذاكرة الوطن!

- لم يلبثوا طويلاً.. حتي أخذوا يرصدون نقاط الضعف في المشهد العام والذي بدا مرتبكا ومعقدا بحكم كم المشاكل نتيجة تجريف طويل لعقود ويحتاج إلي فكر سياسي يواجهه فشجعهم ذلك علي إبداء مواهبهم الزائفة وخاصة مع هجمة الغرب علي النظام الجديد وشجعهم ايضاً حرس الانظمة الاقدم والذين تسللوا أيضاً إلي الاركان والمفاصل فبدأت هذه الطائفة بالتسلل حول القيادة السياسية حيث لم يستقر أمر مؤسستها بعد.

- والشواهد تدل علي أنهم نجحوا في استبعاد العناصر الوطنية ذات الكفاءة الحقيقية مستخدمين في ذلك التشكيك في الولاء للنظام الجديد أو العداء للقيادة باختلاق ما يمكن اختلاقه.. وتلك لعبة هذه الطائفة الاساسية.. ويمكن لمن تعرف علي كثير من الثورات الكبري أن يرصدها -وهو ما يطيل مراحل الانتقال والثمن الباهظ الذي تدفعه هذه الثورات وشعوبها.

- انطلاقاً من هذه اللعبة الاساسية فلك أن تفترض أنهم بذلك أفسحوا لأنفسهم فرصة الادعاء بتمام الخبرة وعمق الوعي السياسي مع استمرار التشكيك فيمن عداهم مهما كان ذلك علي حساب المصلحة الوطنية ومواجهة المخاطر المحدقة.

- من هنا لك أن تفترض أيضاً كيف تصبح قضية الاختيارات في قبضتهم.. وهي المسألة ذات الأهمية البالغة.. سواء بالتدخل المباشر في الاختبار أو غير المباشر وذلك يستند إلي خبرة سنين لهؤلاء المنافقين الكذبة وخاصة مع تراكم الغيوم التي تحجب السياسة بمعناها الحقيقي عن المشهد ليظل باقيا المتصدرون فيه وبشكل هزلي أحيانا بعد تورط الدولة بشكل يصعب التراجع فيه ويضعنا في مآزق صعبة كما نري.

- وفي ظني أن أسوأ إساءة وجهت لهذه المرحلة دور هؤلاء في مهزلة ائتلاف في حب مصر والإصرار العجيب علي قيامه رغم ما جري من مقاومة من داخل البرلمان ومن خارجه باعتبار ذلك وصمة لا تمحي في حق مصر.. وفي حق الديمقراطية.. ومع ذلك لم يستح هؤلاء المهرجون من استمرار السعي لاستمراره.. رغم أن هذا البرلمان (مش ناقص) فيكفيه ما يعانيه من تأثير الغياب الفاضح للحياة الحزبية جراء ما كان من تجريف للحياة الحزبية والسياسية، حتي أن ما قيل عن أنه ممثل فيه أحزاب كانت في الحقيقة مجرد لافتات لا يقف وراءها أي قوي شعبية حقيقية أو تنظيم حزبي ومع ذلك يتعلق البعض بأهداب الأمل في وجود عناصر شابة وعناصر وطنية قليلة العدد وهم ممن وقفوا أمام إئتلاف في حب مصر وعليهم العبء الأكبر والصمود.

- شيء آخر يتعلق بهذا البرلمان يقف وراءه بالتأكيد (اسطوات التوضيب) هؤلاء بما يذكرنا بدور أحمد عز هذا الأمر هو السماح للسلفيين بدخول الانتخابات.. وبالتالي التواجد داخل البرلمان بكواليس غير معلنة - وإن أعلنت عنهم فضائحهم المتوقعة.. وهذا كله من جراء مخالفة للدستور الذي يمنع أي حزب ديني.. رغم ادعاءاتهم الكاذبة بأنهم حزب سياسي «والله يعلم أنهم لكاذبون». فمن يقف وراء ذلك غير الكذبة الادعياء؟ وكيف لم ينهض أحد في وجه هذا الاختراق الصريح للدستور.. بل نري دعماً يتيح لهم التحرك بحرية في الجمعيات والمساجد ورثة للإخوان!

وإن كان ما ذكرناه يقع تحت طائلة المشاركة الخاطئة والمريبة فإن من نتحدث عنهم سجلوا الأذي الأكبر إن صح افتراضي أنهم شاركوا بشكل ما في أن تأتي الحكومات والمؤسسات علي هذا القدر من الفشل والتخبط أمام واقع صعب معقد يحتاج إلي فهم صحيح لمسئولياتهم.. أي فهم سياسي لمنهج العمل.. بما يسمح بترتيب أولويات هذا العمل تبعاً لأهداف خطة وأهداف ثورة.. ووعي متقدم بالظروف المحيطة إقليمياً ودولياً.. وليس تنفيذ توجيهات بلا أي فهم وبما قد يدفع بهم إلي ما هو أبعد من الفشل وهو التورط فيما لا يدرون.

- وعلي سبيل المثال فإن الدور الأكبر للمهللين المنافقين لمسألة المشاريع الكبري حين أحسوا حماساً من القيادة لها فدفعوا بالحكومات إلي الخروج علي مبدأ الأولويات في خطة التنمية التي تتطلبها ظروفنا ومع تقديرنا للأفكار والمشروعات الكبري وأهميتها نظرياً فإن لها حديثا آخر يكشف دور هذه الكائنات في هذا الخلط الخاطئ نعود اليه في حديث لاحق.

هوامش: يبدو أن مشهد الفنان عادل إمام الذي يسدد فاتورة خط تليفوني غير موجود أصلاً.. يتكرر ولكن في شكل فواتير تدفع رغم انقطاع الحرارة منذ شهور طويلة واسألو عن حل هذا اللغز المسئول عن سنترال سيدي جابر أدام الله بقاءه في موقعة المحصن.

- رغم ظاهرة النزلات المعوية بشكل كان حديث الناس فيما بينهم لم نسمع أي تعليق من وزارة الصحة يفيد أو يطمئن.. لا أعاتب. فقط أسأل للاطمئنان علي صحة وزارة الصحة.


تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف