خلال يومين اثنين فقط اتهم وزير الثقافة الجديد د. عبدالواحد النبوي بأنه إخواني خطير ثم تمت تبرئته.. خلال يومين اثنين لا ثلاثة كان الاتهام وكانت البراءة.. في اليوم الأول نشرت عريضة الاتهامات التي كانت كفيلة بإعدام الرجل وليس فقط إقصاؤه من منصبه.. وفي اليوم التالي نشرت تصريحات المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء التي أكدت أن الوزير ليس إخوانياً.. ثم انتهي الأمر وأغلق الملف بنفس السرعة التي انفتح بها.
لكن .. هل يدري أحد كيف مرت الساعات الثماني والأربعون علي الوزير المتهم وأسرته ومن يعرفونه ويعرفون براءته مما نسب إليه من اتهامات ظالمة.. هي في أقصي تقديرمجرد توجسات أو شبهات لا دليل عليها.. ومع الضجة الكبري التي أثيرت كاد الرجل يفقد منصبه.. بل يفقد حياته وحريته.. ولكن الله سلم.
المهم في الموضوع .. أننا حتي الآن وبعد مرور أسبوع علي الواقعة لانعرف لماذا كان الاتهام.. وكيف تسربت عريضة الاتهامات الخطيرة إلي وسائل الإعلام.. البوابة نيوز تحديدا؟! ومن أين خرجت؟! وإذا كان الوزير بريئا من الاتهامات التي صوبت إليه فلماذا يجري نشر هذه الأكاذيب دون محاسبة..وكيف يغلق الملف بهذه السهولة دون تحقيق؟!
التجربة في غاية الخطورة وتثير الكثير من الخوف والفزع.. فإذا كانت دائرة الاشتباه قد وصلت إلي أحد الوزراء وهو في منصبه.. وبعد تعيينه بأيام.. ووصل الأمر إلي الافتراء والافتئات علي رئيس الوزراء نفسه بترشيح كادر إخواني "أزهري" كان مسئولاً عن ملف التمويل للجماعة ليكون مسئولاً عن الثقافة ثم يظهر أن الاتهامات والإفتراءات ليست صحيحة.. فما بالك بما يمكن أن يحدث مع آحاد الناس ممن لا يمكن أن يعرفهم رئيس الوزراء ليشهد ببراءتهم وينقذهم من مصير مظلم؟!
ما نشرته "البوابة نيوز" عن عريضة اتهام الوزير جد خطير.. فقد ذكرت أنه تولي التنسيق بين المخابرات القطرية وجماعة الإخوان في مصر وتولي عدداً من الملفات الشائكة وعلي رأسها ملف التمويل القطري.. وأنه سافر إلي قطر ليعمل أستاذاً للتاريخ المعاصر في جامعة قطر عام 2011 بعد ثورة يناير.. وأن عملية ترشيح الوزير للعمل في قطر جاءت بطريقة مريبة عقب زيارة لأحد كبار المسئولين القطريين إلي القاهرة.
وبالتزامن مع هذه الاتهامات تناثر كلام خطير بأن رئيس الوزراء تجاهل تقريراً للأمن الوطني بكل هذه التفاصيل تم تقديمه إليه خلال فترة الترشيحات.. وبذلك تم توريط المهندس محلب في دائرة الاشتباه اللعينة لسبب في نفس يعقوب.
وعندما رد محلب علي ذلك قال: "إن د. عبدالواحد النبوي مثقف وطني برئ من الشبهة الإخوانية" وما يثار من حوله أباطيل ومحض خيال.. ولا يمكن أن يكون قد عُرض عليْ تقرير بهذا الشأن وتجاهلته.. هل يعقل أن يتم اختيار الوزراء دون تدقيق وتمحيص.. كل المرشحين يخضعون لأدق التحريات التي تشارك فيها جهات سيادية رفيعة "المخابرات".. وهذا الرجل مظلوم.
وهكذا تم تبرئة د. عبدالواحد النبوي.. وهو محظوظ لاشك.. فقد جاءت براءته من رئيس الوزراء.. لكن القضية الأهم والأجدر بالمناقشة تكمن في السؤال التالي: ماذا لو لم يكن الرجل وزيراً؟! وما هي الضمانات التي تكفل عدم توجيه الاتهام لمئات وآلاف الأبرياء كذباً وبهتاناً بنفس الاتهامات التي وجهت للوزير وكيف تكون براءتهم؟!
لا نملك إلا أن نقول للوزير مبروك البراءة .. ونقول للذين يلعبون من وراء الستار للتحريض والتصعيد واتهام الناس بالباطل اتقوا الله وأيقظوا ضمائركم النائمة.. كما تدين تدان.