المساء
أحمد سليمان
في حب مصر .. ومن يراقب الجهات الرقابية؟
هو العدو الأكبر للمصريين الآن. يلتهم قوتهم. ويوقف بنيان مصر الحديثة. ويمنح الفرصة للفاسدين ليزدادوا فساداً. هو العائق الأكبر أمام نهضة مصرية علي الأبواب. تبدو ملامحها في الأفق.. إنه الفساد الذي ظل ينخر في جسد الأمة لعشرات السنين وما زال. ولن يوقفه إلا عزيمة وإرادة صلبة من القيادة السياسية وجميع أفراد الشعب. وهذه والحمد لله موجودة.
بعد هذا العرس الاقتصادي الذي عاشته وتعيشه مصر منذ الثالث عشر من مارس الحالي أصبحت مواجهة الفساد بكل أشكاله مهمة أمن قومي لا تقل عن مواجهة الإرهاب الأسود. أو مواجهة أعداء الخارج. فالفاسدون يحرمون أبناء الشعب من جني ثمار صبرهم لسنوات. وتحملهم ضغوطاً تنوء بحملها الجبال. لذا فإن مواجهة الفساد لن تجدي إذا كانت بالطريقة نفسها التي اتبعها نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك ونظام تابعه الرئيس المعزول محمد مرسي.
لابد من طريقة جديدة وفكر مختلف لمواجهة هذا العدو الذي لن يستسلم بسهولة. فخلال الأيام القليلة الماضية انفردت جريدة المساء بنشر واقعتي فساد كبريين. الأولي تتمثل في اختلاس موظفة بإدارة السادس من أكتوبر التعليمية ما قيمته ثلاثمائة مليون جنيه بمساعدة بعض زملائها وأقربائها وبعلم ودعم من الموظفة المنتدبة من وزارة المالية لمراقبة أوجه انفاق المال العام. والواقعة الأخري مشابهة وفي إدارة العمرانية التعليمية أيضاً ولكنها اختلاس مبلغ أقل. وصل إلي ثلاثة ملايين جنيه فقط. وقد تلقي من اكتشف الواقعتين تهديدات بالقتل من الفاسدين بالإضافة إلي الانفراد الجديد المنشور بهذه الصفحة عن إهدار المليارات بعلم وزارة التموين.
الواقعتان الأوليان تكشفان أن المراقب المالي المنتدب من وزارة المالية لم يكن أميناً. وأن المبالغ لم تكن قليلة. وإذا كان هذا حدث في إدارتين تعليميتين. فما بالنا ببقية الإدارات التعليمية. وعلي مستوي وزارة التعليم برمتها. وعلي مستوي بقية الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية؟ وإذا كانت الجهة الرقابية المنوط بها رقابة تحركات المال العام والحفاظ عليه هي التي خانت الأمانة. فبمن نثق إذاً؟ وما الذي يضمن لنا أن بقية الأجهزة الرقابية ليس بها خائنون كهؤلاء الذين تم اكتشافهم في وزارة المالية؟ وما الذي يضمن ألا تكون هناك اختلاسات أخري بالملايين في وزارات أخري علي نفس المنوال؟
أعلم أنه حتي الجهاز المركزي للمحاسبات أكبر جهة رقابية عندما يكتشف مخالفات مالية في أي مؤسسة حكومية فما عليه إلا إبداء ملاحظات بهذه المخالفات وإرسالها للجهة المخالفة حتي تعدّل الوضع ليتناسب مع القوانين واللوائح. وليس من سلطته إحالة المخالفات إلي النيابة العامة.
أري أنه لكي يتم القضاء علي الفساد في مصر فلابد من إنشاء جهاز رقابي جديد يرأسه شخصية عسكرية ويكون أعضاؤه من الشخصيات العامة المشهود لها بالنزاهة والكفاءة والحرص علي المال العام . علي أن يتبع الرئيس السيسي شخصياً. وتكون من صلاحيات هذا الجهاز إحالة أي مخالفة إلي النيابة العامة مباشرة. ولايكون هناك مجال للتصالح في قضايا إهدار المال العام.. فسداد المال المسروق أولاً. ثم ينال اللص جزاء سرقته لهذا المال.
ويرتبط بذلك أيضاً إجراء تعديل تشريعي حتي وإن كان قراراً جمهورياً لحين انتخاب وانعقاد مجلس الأمة القادم لتغليظ عقوبة سرقة المال العام أو إهداره. أما الاكتفاء بالأجهزة الرقابية الحالية لمواجهة الفساد فإننا نكون كمن يحرث في الماء. وسيكون الخير القادم لمصر بعد المؤتمر الاقتصادي من نصيب هؤلاء الفاسدين.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف