المساء
أحمد عمر
أصل الكلام .. كشكول الحكومة
لا تحتاج الحكومة - أي حكومة - لشيء من الشجاعة حتي تعلن عن أخطاء سابقتها لاسيما إذا كانت في نظام ساقط.. الشجاعة الحقيقية أن تواجه مشاكلك بقلب مفتوح وفكر واع وإنكار للذات وانفتاح علي كافة مكونات المجتمع ورموزه وفئاته وفعالياته.. قليل من الثقة في الآخرين يصلح عمل السياسيين ويوفر للإدارة الكثير من دعائم النجاح.. التخوين يزيد العزلة.. يورث الضعف والهوان.
الخطير أن الثقة والتخوين تؤثران بعمق في عملية صنع القرار.. كلما قلت الثقة زادت العزلة وأضحي القرار يتخذ داخل الغرف المغلقة دون إدراك كاف لحقائق الموقف علي الأرض.. وحكومة لا تعترف بأن أهل مكة أدري بشعبها.. تعهد لوزارة التموين برعاية مبدأ السيادة للشعب.. سيادتك مصونة في نقاط الخبز.. لك الحق كاملا في استبدالها بزجاجة زيت أو حتي ياميش رمضان.
الحكومة تخفف عن كاهلنا.. تغيبنا عند اتخاذ القرارات المزعجة كترسيم الحدود أو إنشاء مدينة جديدة أو بضع آلاف من وحدات سكنية متناثرة في قلب الصحراء يوجد الكثير منها مهجورا منذ سنوات.. قرارات مصيرية تصنع في صمت.. السوايسة ينددون بإنشاء السويس الجديدة شرق القناة دون مشاورتهم.. الأسايطة مندهشون من آلاف الشقق الجديدة التي شيدت فجأة بعيدا عن العمران بينما كانوا يطمحون لانجاز مشروع آخر اسمه "الهضبة الغربية" مازال يركب السلحفاة لأنه يفتقد الاهتمام والتمويل.. حدود محافظات الصعيد علي البحر الأحمر تمت سرا وتنتظر الاعلان الرسمي دون أخذ رأي لا محافظ ولا مواطن.
ونثق في وطنية القيادة السياسية.. إنما استراتيجيات الرئيس وتكتيكات الحكومة لو نزلت إلي الأرض لأغرقتها مستنقعات الفساد والتسيب والاهمال.. التسيب السائد في "أشباه" المؤسسات العامة كفيل بهدم الأهرامات.. يكتفون حاليا بتحطيم بعض الاحجار تذكارات للسياح لقاء دولاراتهم الخضراء العزيزة.
الدولة تنفق مليارات الجنيهات علي ما تراه تطويرا للمناطق الأثرية.. وبعد ذلك تتركها في قبضة عصابات من باعة جائلين وعاطلين يأكلون من عرق الخيول والجمال يمرحون في المناطق الأثرية بتواطؤ لا يمكن إنكاره من المسئولين "الصغار" عن خزائن تاريخنا.. تنظم وزارة السياحة حملات مكلفة للترويج السياحي في الداخل والخارج لكنها لا تستطيع مجابهة حملات مجانية لنشر الفوضي والقبح والاستغلال.. يقوم بها مصريون أيضا لكن من ذلك النوع الذي يصفه المأثور الشعبي بأنه "رباية جوع" لا يفكر إلا في نفسه ونهمه لجمع المال عن أي طريق ولو كان بإيذاء أمه.
** ويبقي برنامج الحكومة مجرد كشكول أو اوتوجراف حتي يجد طريقه للتنفيذ.. دعونا نساعد الحكومة علي النجاح ولو بالدعاء.. فلم نعد نحتمل فشلاً آخر.. التجارب السابقة ضيعت عمرنا وأفسدت علينا حياتنا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف