المساء
حسن حامد
أعقلها .. كوبي.. بست
هل أنت كوبي أم أنت بست؟ أظن أنك لن تخرج عن واحد من الاثنين. فجميعنا إما كوبي وإما بست. وهذا هو السبب في أننا نسير للوراء وليس للأمام. ونهدم ما أنجزه الآخرون ولا نضيف إليه. ودائماً نبدأ من حيث انتهي الآخرون. بأسوأ بداية. وسرعان ما نكتشف أن بدايتنا التي بدأناها كانت عبارة عن تقليد أو نقل عن الآخرين.
الكوبي بلغة العصر يعني نسخ ونحن نعيش علي هذا النسخ منذ أول الكلام الذي نتفوه به وحتي آخر فعل يمكن أن نفعله. فأنت لو سمعت تافهاً يقول إن جزيرتي تيران وصنافير مصرية وقد وقعت مصر علي التنازل عنهما للسعودية فأنت تردد هذا الكلام دون أن تفهم حقيقة الأمر ويمكنك حين يمن الله عليك بإضافة فإنت تضيف أسوأ إضافة للكلام ليكون إنجازاً خالصاً من عندك ثم تقول ما تقول وينقله عنك الآخرون التافهون مثلك أيضاً دون أن يتبينوا حقيقة ما قلت.
والبست بلغة العصر يعني اللصق ونحن نتفنن في اللصق. لأنه لن يكون الأمر مقنعاً إذا لم تردد ما سمعت من أباطيل وإذا لم تلصقها في آذان الآخرين ممهورة بختمك أنت. وهكذا جميعنا ندور في فلك من البلاهة التي لا علاقة لها بأمر الله إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا. ولماذا نتبين ونحن جميعاً نلهث كالكلاب الضالة في الصحراء نبحث عن نبع ماء يروينا ولا نجد رغم هذا البحر المتلاطم من المعلومات التي تغرقنا ليل نهار. والمشكلة ليست في أننا لا نملك القدرة علي البحث عن حقيقة ما نسمع إنما المشكلة في الكسل والاستسهال والفوضي التي ندير بها حياتنا.
وقليل منا من يهتم وقليل منا من يبحث وقليل منا من يسعي إلي نقطة الصدق وميزان الحق والعدل في الأمور. وهؤلاء لا يملكون أن يعدلوا الميزان المائل لأنهم يهتمون ويبحثون ويسعون إلي صدق الحقائق من باب التميز والفزلكة أيضاً وليس من باب المشاركة الجادة في مسيرة الوطن وتصحيح أخطاء هؤلاء الذين يتحدثون علي الفاضي والمليان كالببغاوات.
علينا أن ندرك أننا في النازل وليس في الطالع وأننا للخلف وليس للأمام وإننا نهدم ولا نبني لأن كل منا مشغول بنقل ما يسمعه وليس مشغولاً بتنفيذه وتصحيحه ورده علي أصحابه. وطالما أن الاستسهال هو ميزان حياتنا فلا داعي لأن نتعب ولا داعي لأن ننهض ولاداعي لأن نحفر في الصخر إنجازاً يضيف إلي البشرية علماً ونفعاً. وكفانا أن نكون مستهلكين علي كل المستويات كلاماً وأفعالاً وسكوناً وحركات.
وأنا عن نفسي أعلنها من الآن. وطوبي لمن سار في ركابي. طوبي لمن قال إني بريء مما يقولون ويرددون. طوبي لمن قال خيراً أو لصمت. طوبي لمصر التي تعيش عزها علي أيدي فلاية وبرايز ونواعم الدبش والمزلقان والجحش وبكانس. وتحيا الكبيرة أم نوفل.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف