مؤمن الهباء
شهادة .. ترامب.. رب ضارة نافعة
تتحدث التقارير الصحفية الآتية من أمريكا عن مرحلة جديدة من الوعي بالذات يعيشها المسلمون في الولايات المتحدة في مواجهة التوجهات العنصرية العدوانية التي يثيرها المرشح الجمهوري البغيض دونالد ترامب ضدهم.. والتي وصلت إلي حد دعوته لحظر دخول المسلمين الولايات المتحدة.. ودعوة منافسه الجمهوري أيضا تيدكروز لنشر دوريات في الأحياء الإسلامية لمنع المسلمين من التطرف علي حد زعمه.
تقول التقارير إن المسلمين الأمريكيين ليسوا كما كانوا من قبل.. فقد صارت عندهم حاجة ماسة لأن يجتمعوا ويتحدوا ويكون لهم صوت مؤثر في الانتخابات الأمريكية حتي يشعر هؤلاء المرشحون بثقلهم السياسي وكتلتهم التصويتية.. وكانت بداية مراجعة المسلمين لمواقفهم مع الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش الابن الذي صوت له نحو 78% منهم عام 2000 ثم فوجئوا بميوله العدوانية التي ظهرت بجلاء بعد أحداث 11 سبتمبر 2003 عندما أعلن الحرب علي الإرهاب والحرب الصليبية ثم تبين أنها حرب علي الإسلام والدول الإسلامية.. وبحلول عام 2008 صوت نحو 89% منهم لصالح الرئيس الحالي باراك أوباما.
ووفقا لمعهد "بيو" الأمريكي للأبحاث فإن عدد المسلمين الأمريكيين 3.3 مليون شخص أي 1% من سكان الولايات المتحدة.. وهم بالكاد يشكلون دائرة التصويت الحاسمة في الانتخابات الأمريكية.. وكانت هذه الكتلة في الغالب موزعة بين الديمقراطيين والجمهوريين.. ولكن مع ظهور عنصرية المرشحين الجمهوريين بدا واضحا أن البوصلة تتجه بالكامل إلي الحزب الديمقراطي ومرشحته هيلاري كلينتون.
والأهم من ذلك هو الحرص الكبير من جانب المسلمين الأمريكيين علي التسجيل استعدادا للتصويت.. وقد حققوا الآن رقما قياسيا في التسجيل استعدادا للانتخابات الرئاسية هذا العام.. وهو ما يعتبرونه ردا عمليا علي الشعور العام بالقلق من تصريحات دونالد ترامب.
وقد تناولت صحف أمريكية عديدة ظاهرة الصوت الإسلامي الواحد في الانتخابات الرئاسية القادمة.. وقالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" أن ترامب يلعب دورا أساسيا في ذلك.. ونقلت عن بعض الناشطين المسلمين في ولاية فلوريدا قولهم "يمكننا أن نقرر نتيجة الانتخابات الأمريكية.. لقد أصبح من الصعب أن ينتمي المسلمون الأمريكيون للحزب الجمهوري بينما ينتقدهم قادة الحزب ويخاطبونهم باعتبارهم أعداء علي الأرض الأمريكية.. سوف يأتيهم الرد الإسلامي من خلال صناديق الاقتراع.. فقد استطعنا أن نحشد في فلوريدا وحدها نحو 200 ألف مسلم سجلوا أسماءهم للتصويت في الانتخابات الرئاسية العام الحالي.
ولم يتوقف الوعي الإسلامي عند الحشد والتكتل وإنما اتجه إلي وضع استراتيجية لتعظيم دوره وتأثيره من خلال بناء تحالفات مع الأقليات والجماعات السياسية المؤيدة للمسلمين بشأن المخاوف المشتركة مثل الحريات الدينية والتعددية العرقية.. ففي شهر مارس الماضي - علي سبيل المثال - انضمت رابطة الطلاب المسلمين بولاية شيكاغو مع اتحاد الطلاب السود وشكلوا تحالفا للاحتجاج ضد ترامب.
وبالنظر إلي تنوع المجتمع المسلم داخل أمريكا الذي يضم أفارقة وعرباً وآسيويين وأمريكيين بيض فإن التحالفات سوف تتسع لتشمل من 7 إلي 8 ملايين شخص.. كما أن الهدف الاستراتيجي من التحالفات يمكن أن يعالج القضايا الأوسع نطاقا مثل ربط ظاهرة الإسلاموفوبيا بظاهرة العنصرية ضد السود داخل المجتمع الأمريكي.
وتقول صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" إن هناك هدفا أساسيا للمسلمين في انتخابات الرئاسة الأمريكية هذا العام وهو إجبار المرشحين الأمريكيين علي وضع المسلمين في اعتبارهم كقوة سياسية لا يستهان بها داخل المجتمع الأمريكي .. كما أن هدفهم المستقبلي هو وجود مرشحين يمثلون المجتمع الإسلامي داخل أمريكا.
وإذا ما نجح المسلمون الأمريكيون في هذا الهدف وسقط ترامب تحديدا فسوف تكون هذه أول شهادة لهم علي طريق الوعي بالذات.. ورب ضارة نافعة.