محى السمرى
ناس وناس - هل مؤتمرات المحافظات بداية اللامركزية؟!!
أرجو أن يستمر الحماس والبحث والتفكير في تنفيذ المشروعات الاقتصادية. التي استقر الرأي عليها في مؤتمر مستقبل مصر. الذي عقد في شرم الشيخ.
الواضح أن هذا المؤتمر أيقظ النائمين. وفجَّر الأفكار. وشجَّع الكثيرين علي العمل بجدية. ومن هذه الأفكار التي نتجت عن هذا المؤتمر. إقامة مؤتمرات اقتصادية في المحافظات. وذلك ما أعلنه المهندس إبراهيم محلب. رئيس الوزراء.
والواقع أنه قد آن الأوان لكي نعطي كل الصلاحيات للمحافظين.. فالمفروض أن المحافظ هو المسئول الأول والأخير عن كل شبر وكل فرد في محافظته.. المفروض فيه أن يعرف حجم البطالة لديه. واحتياجات كل قطاع من العمالة.. في الوقت نفسه المفروض فيه أن يكون لديه قوائم بحملة الشهادات العُليا والمتوسطة. والذين لم ينالوا حظهم من التعليم. وبالتأكيد فهو يدرك بالتالي كل ما يتعلق بالمدارس. وتوزيعها واحتياجات المحافظة منها. ليس هذا فقط. ولكن المفروض أيضاً أن يكون لدي المحافظ جهاز لإعداد أنواع معينة من البرامج التعليمية الملائمة للبيئة. فمن غير المعقول المساواة بين المدن الساحلية. والمدن الصعيدية.. وفي ضوء كل ذلك. وغيره.. فإن جهاز المحافظة سيكون الأفضل في اختيار مواقع المدارس. بل سيكون أيضاً الأقدر علي توفيرها سواء من خلال تبرع المواطنين أو حتي بالشراء.
ونفس الحال بالنسبة لوزارة الإسكان.. نحن نجد أن وزارة الإسكان تقوم بإنشاء المساكن في كل المحافظات وفي نفس الوقت.. المحافظة تقوم بالبناء هي الأخري.. إذن لماذا هذه الازدواجية؟!.. وغالباً تحدث نتيجة لهذا التخبط مشاكل. فقد نجد عمارات بأكملها مقامة. ولا أحد يسكنها. وأسوق أمثلة علي ذلك.. عند مدخل مدينة الحمَّام بالساحل الشمالي. عدد كبير من العمارات.. ولا يدري أحد مَن الذي أقامها؟!.. هل هي هيئة المجتمعات. أو مجلس المدينة؟!.. لأنه قد مضي علي إقامتها أكثر من 15 عاماً. وأحاطها الخراب. والمياه الراكدة.. وأصبحت رمزاً سيئاً للمباني.. ونفس الحال في الطريق الساحلي عند الكيلو 40 إلي الإسكندرية. عدد لا بأس به أيضاً من الوحدات السكنية.. وكلها مغلقة ولا يسكنها أحد.. ولكن لو أن المحافظة هي المسئولة الوحيدة عن إنشاء المساكن في حيزها العمراني. فإنها لن تقيم مساكن للفرجة. ولكن لكي يتم إشغالها بالفعل.. ولكي نقضي علي حالات العنوسة.
إذن.. فإن تدخل وزارة الإسكان القائمة بالقاهرة في إنشاء المجتمعات والعمارات والمساكن في المحافظات سيأتي بنتائج عكسية.. وهو ما ظهر كما ذكرت في مدينة الحمام. وفي الساحل الشمالي.. وبالتأكيد هناك أماكن أخري.
وأعتقد أيضاً أن مسائل استصلاح الأراضي الزراعية لابد أن تقع علي عاتق المحافظة. لأنها تستطيع تحديد مناطق الاستصلاح. ومصادر المياه.. والأكثر أنها ستتمكن من توزيع الأراضي علي الجادين من الشباب. وأيضاً من المستثمرين من أبناء المحافظة. وبذلك نقضي علي ازدواجية وزارة الزراعة مع كل محافظة. وحتي لا تحدث مشاكل.. وأتذكر أن بعض المواطنين حصلوا علي أراضي استصلاح في مدينة السادات. وبعد سنوات من التعب والشقاء واستقرار الأوضاع في هذه الأراضي. وبعد أن تم استصلاحها. وأصبحت أراضي منتجة. هبَّت وزارة الزراعة فجأة. وقامت بمهاجمة الزُراع. ودمروا الأرض وأتلفوا الزراعة. لأن الأرض ملك الدولة. وحماية ممتلكات الدولة واجبة.. وهذا حقيقي. ولكن أين كانت أجهزة الوزارة عندما استقر هؤلاء المزارعون في هذه الأرض. ولماذا لم تقم بمنعهم عندما ذهبوا إليها.. لقد انتظرت الوزارة كما هو واضح حتي تمت زراعتها واستصلاحها ثم قامت بإتلاف شقا عمر المزارعين.
وأعتقد أنه لو كانت المحافظة هي المسئول عن حماية أملاك الدولة لما فعلت ذلك.. وطبعاً هناك حكايات أخري.. لهذا فإن تطبيق اللامركزية بصورة جادة أفضل من المركزية البعيدة عن الواقع.
وأتذكر حكاية قرأتها في مذكرات المرحوم الدكتور هيكل. عندما كان وزيراً للمعارف في بداية الأربعينيات من القرن الماضي. حيث قام بزيارة للمعهد الفني في أسوان. فاكتشف أن المراوح معطلة. وسأل الناظر عن السبب؟!.. فقال إنه أرسل إلي الوزارة في القاهرة لكي يتم توفير الأموال اللازمة لإصلاحها.. ويقول الدكتور هيكل: هل هذا معقول.. أن تكون المدرسة في أسوان وتُدار من القاهرة؟!.. وقرر تطبيق اللامركزية. ولكن الوزارة استقالت. وبالتالي نام المشروع.
المهم أن قرار رئيس الوزارة بعقد مؤتمرات اقتصادية في المحافظات سيتيح الفرصة لمعرفة أضرار المركزية.. خصوصاً وأنه في حالة اللامركزية فإن كل محافظة ستنفذ المشروعات التي تناسبها.. ومن الممكن أيضاً إيجاد المستثمرين من أبناء المحافظة.. وثالثاً فإنه سيكون هناك فرصة لتنوع المشروعات وفرصة للتنافس بين المحافظات علي الأفضلية في الإنتاج وتنوعه. ومدي ما تحقق من إنجازات.