الوطن
د. محمود خليل
السبيل (25)
«الغوث!.. قتلوا الخليفة عثمان. تسوروا عليه داره. قتلوه وهو صائم يقرأ القرآن!. قتلوا الخليفة ظلماً. قُتل عثمان مظلوماً!.. واعثماناه!.. واثأراه!.. لليلة فى حكم عثمان خير من علىّ الدهر كله! واعثماناه! وثأراه»!..

«أيها المسلمون: ها هو قميص عثمان، خليفة رسول الله، ملطخ بالدماء!.. فمن يثأر لدم عثمان؟.. من يثأر لدم المقتول مظلوماً؟.. كلنا ننتقم من قتلة خليفة الرسول!.. يا قوم تمهلوا!.. إن عليّاً سيحاكمهم وسيقتص منهم القصاص العادل.. علىّ!.. لو كان يريد محاكمتهم لحاكمهم. لا إن عليّاً يتباطأ فى القصاص منهم.. ونحن لن نسكت. دم عثمان فى رقابنا سنُسأل عنه يوم القيامة».

ها هى الفتنة تنشب مخالبها فى وجوه الجميع، لا تستثنى نارها أحداً.. نار تندلع وصبر ينقطع.. ويأس يتلوى فوق الأرض كما تتلوى الأفاعى، وأمل يحترق تحت فى لهيب الرمال.. الكل يدفع الثمن.

- «حازم»: يا أستاذ......

- «طارق»: نعم يا أخى!.. تحت أمرك!.

- «حازم»: ربما لا تذكرنى!.. إننى واحد من شلة الشباب التى تأتى إلى المسمط. ألا تذكر عندما تحدثت معنا عن الدين و.....؟!.

- «طارق» (بفرحة): نعم أذكرك أخى الكريم.

- «حازم»: إننى أريد أن أسمع منك.

- «طارق»: إننى أشعر بوهج الايمان يضىء فى عينيك.

- «حازم» (متعجباً): وهج!.

- «طارق»: نعم!.

- «حازم»: إننى أصلى معظم الفروض ولكنى لا أعلم الكثير عن دينى. وأريد أن أتعلم منك.

- «طارق»: معاذ الله يا أخى. إننا نتعلم من بعضنا البعض. يذكر بعضنا بعضاً. فإن الذكرى تنفع المؤمنين.

- «حازم»: أنا اسمى حازم محمود. وأنت؟.

- «طارق»: أخوك فى الله «طارق».

- «حازم» (متعجباً): أخى فى الله؟!.

- «طارق»: نعم!.. كلنا إخوة فى الله. إخوة فى الإسلام.

- «حازم»: على فكرة أنا ليس لى إخوة من أبى وأمى. لطالما تمنيت ذلك!. إننى أحبهما جداً.. يفعلان من أجلى كل شىء.. يحققان لى كل ما أريد.. كل ما أطلب!.. ولكنى أشعر أحياناً بالإرهاق من محبتهما لى، وخوفهما الزائد علىَّ. إننى أستطيع أن أعتمد على نفسى.. أن أفعل العديد من الأشياء بعيداً عنهما!.

- «طارق»: إنك ستجد فينا إخوة يعوضونك عن كل شىء. إلى جوارنا ستجد حياة أفضل لها معنى. نحن جميعاً نعمل على قلب رجل واحد من أجل إعلاء كلمة الله.

- «حازم»: أعدك عند المجىء إلى السبيل ثانية ألا أدخل مسمط «عضمة»، بل سآتى إليكم فى الزاوية. أليست تلك الزاوية مكان تجمعكم؟.

حازم محمود، نجل المهندس محمود عبدالمجيد. عمل فى وزارة الكهرباء بعد تخرجه لمدة خمس سنوات. سافر بعدها إلى السعودية للعمل هناك. رافقته زوجته التى كانت قد أنجبت «حازم» منذ سنتين فى رحلة عشر سنوات غربة. وهناك تربى «حازم» فى جو يقدس طقوس الدين. صلى كما رأى الجميع يصلون. صام كما رأى الجميع يصومون. وكغيره من تلاميذ المدرسة أيضاً أهمل الدراسات الشرعية. وبعد عودة الأسرة من السعودية كانت الأمور قد تيسرت لوالده الذى عاد ثانية إلى عمله بوزارة الكهرباء، وأنشأ مكتباً هندسياً أصبح يدر عليه بمرور الوقت ربحاً معقولاً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف