فيتو
عبد الرحمن عباس
هل يأخذ الرئيس تلك الدلالات في الحسبان؟
يا قاتلي لا ترجو مني الهمس لا ترجو الطرب، حسبي بأني غاضب والنار أولها غضب، كان ذلك ملخص ما حدث في تظاهرات الأرض والعرض، التي دعت لها العديد من القوى السياسية، وكان لها آثارها الواضحة خلال الأسبوع الماضي، سواء في مقالات الكتاب أو فيما نشرته جريدة الشروق بالأمس ونفته الرئاسة على الفور !

المشهد له دلالات كثيرة يجب أن تؤخذ في الحسبان، ومن يتعمد تجاهلها هو غافل قد تداهمه الحقيقة التي تجاهلها طوال الوقت، لكن اللحظة لن تسمح بتغيير أي شيء.

أول دلالات مظاهرات الجمعة الماضية هي تصرف الرئيس الذي ظهر في جبل الجلالة مع مجموعة من الشباب – الذين تم انتقاؤهم بالطبع وفق توجهاتهم السياسية – ورأى المواطن العادى فريقين من الشباب أحدهما أمام نقابة الصحفيين يهتف من أجل الأرض والآخر بجوار الرئيس.

فكرة انحياز رئيس إلى شباب بعينهم لمجرد إنهم يؤيدونه يعني في مجتمع مثل مجتمعنا تخوين الجانب الآخر، ناهيك عن أن فكرة التقسيم بعينها طريق تدمير الدولة، وإذا كان من ثار هم شباب غاضبون على النظام بأكمله ينتظرون أي فرصة لمهاجمته فإن طريقة عزلهم واستبدالهم بغيرهم لن تؤدي إلا إلى مزيد من هذا الغضب.

ثاني الدلالات المهمة هي وسائل الإعلام، الأمر في تلك المرة اختلف، لم يعد التليفزيون المصري فقط هو من يتجاهل الأحداث المهمة، ولم يعد تخصص كباري فارغة، وإنما انضم إليه الكثير من القنوات والمواقع الإخبارية، في إصرار واضح ألا يعرف المواطن ماذا يحدث، بل إن إحدى القنوات الكبيرة والمهمة قامت بتغطية مظاهرات العراق! وأحمد الله أن موقع فيتو الذي انتمي إليه كان ناقلًا للحدث أول بأول مما جعلنا وفق الكثير من الآراء «موقع معملش من بنها».

انضمام وسائل إعلام بعينها إلى التليفزيون المصري للتعتيم لم يفلح في أن يعرف الجميع ما يحدث، من فكر في هذا الاختراع الجهنمي ما زال يعيش ما قبل ثورة يناير ،تلك أول الدلالات في تلك النقطة، أما الثانية أن ما يحدث يدمر ما تبقى من مهنية الإعلام.

ثالث الدلالات أن مؤيدي النظام حملوا التظاهرات إلى الإخوان و6 أبريل والاشتراكيين الثوريين، وأقسم بالله، أقسم بالله، أقسم بالله لثالث مرة أن 6 أبريل والإشتراكيين الثوريين لم يعودوا سوى أسماء فقط وكتلتهم الحقيقية لا تتعدي الـ10 أنفار، والإخوان معظمهم في السجون، والنظام يعلم ذلك لكنه يصدر تلك الأسماء ليداري حقيقة أخرى هي أن من تظاهر هم فصيل من الشعب!

رابع الدلالات هي أن حكومة المهندس شريف إسماعيل غير قادرة على الإقناع حتى لو استخدمت الوثائق، لغتها المقتضبة وعدم شرحها لقضية تتعلق بالأرض اتسم بطريقة الرد على الشائعات هم يقولون ذلك ونحن نقول ذلك ولكم أن تحكموا أنتم، المعارضون لديهم حجج أقوى، مجلس الوزراء ألقى أوراقه ورحل.

خامس الدلالات المهمة أن هناك مؤيدين جددا للرئيس، مؤيدين ليسوا من هذا النوع القديم، الذي يتحدث بأرقام وأدلة حتى لو كانت واهية، لكنهم مؤيدون يقولون نؤيد فقط، لقد تخطوا «ليفيل» من سبقوهم، أحدهم أعلن مكافأة مليون جنيه لمن يثبت مصرية الجزيرتين، والآخر قال لن أمثل إذا ثبت أن أحد الجزيرتين مصريتين، نفس الشخص قال في وقت سابق لن أمثل إذا لم ينجح الرئيس، نفس الشخص لا يطيقه الكثيرون في التمثيل من الأساس !

سادس الدلالات أن الرئيس مقتنع أن الإعلام يغالط ويضر بالبلاد، يرى أن نشر التساؤلات يؤدي إلى حالة من البلبلة، طلب ذلك بوضوح في قضية تيران وصنافير قال «متتكلموش في الموضوع ده تاني»، النقاش والجدل حالة صحية، تبادل الآراء يؤدي للوصول لحل وأخيرًا الإعلام ناقل وليس صانع للحدث!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف