محمد عبد العليم داوود
مجرد كلمة- التاريخ لن يرحم
لا يوجد فى العالم حاكم مستبد إلا وارتبط ارتباطا وثيقا إما بفريق من المستبدين أو بفريق من الفاسدين أو كليهما.. ونحن فى مصر يرتبط الحاكم بالفريقين معا ويقوده فى ذلك مجموعة من أبواق الإعلام سرعان ما تكون سبباً فى هدم نظامه.. لذا لا أتعجب عندما تخرج علينا فضائيات أسست من فساد رجال نهب المال العام.. وتجد دعوتهم ليست للم شمل أو لاحتواء أو لتقديم أفكار أو رؤى.. ولكن دائما ما تكون دعوتهم لمزيد من الاستبداد والقهر والدعوة إلى الدم وإلى القبضة الحديدية.. لا أتعجب من مخبرى الإعلام وهم يلقون بيانات صباح مساء صاغه لهم مجرد شاويش من هنا أو هناك.. ففى فترة عبدالناصر كان هذا الشاويش من طرف صلاح نصر وحمزة البسيونى.. وفى فترة السادات كان من النبوى إسماعيل وأذنابه.. وفى فترة مبارك من أعلام أمن الدولة.. والآن من شاويش يبدو أنه أصبح اعلى من هاتين الجهتين ويبدو أنه من فريق الرئاسة، ولا نبالغ إذا قلنا إنها من حاكم جديد يحكم من خلف الستار.. يعتقد أنه لم يعرف أمره بعد فى إدارة شئون البلاد.. يسعى إليه الإعلام خاضعاً.. ويسعى إليه بعض رجال السياسة لأنه القادر على منحهم فرصة التقرب للحاكم.. إن دعوة هؤلاء للقبضة الحقيقية وقمع المظاهرات السلمية وتخوين أصحاب الفكر والرأى والغاضبين من سياسات الحكم عليهم أن يتذكروا أساتذتهم الذين ذهبوا إلى مزبلة التاريخ فى تدبيج مقالات الفتنة فى أحداث سبتمبر 1981.. فأتذكر فى الثمانينيات أن كلفنى الأستاذ المرحوم مصطفى شردى والأستاذة حنان البدرى بعمل تحقيق حول ما سطروه رؤساء التحرير وكتاب السلطة فى أحداث سبتمبر 1981 فوجدنا تحريضا ونفاقا للسادات لم أجده إلا فى هذه الأيام.. فهل وصل الأمر أن يدعو البعض إلى إطلاق الرصاص على المتظاهرين وسحلهم وإطلاق البلطجية عليهم.. يبدو أن هؤلاء قد نسوا وهم يعملون فى فضائيات رجال أعمال جمال مبارك أن التاريخ لن يرحم.. والشعب لن يعفو.. ولا أى صاحب ضمير يقبل بأى نقطة دم.. لقد اهتز البرلمان قبل ثورة 25 يناير عندما دعا أحد النواب بإطلاق الرصاص على المتظاهرين سرعان ما قدم الوطنى اعتذارا وقام البرلمان بتحويل النائب إلى التحقيق، وقد اعتذر النائب علانية فى البرلمان على ما صرح به.. اليوم تخرج الدعاوى بضرب المتظاهرين غير مدركين نتيجة ما يدعون له.. وأنهم بذلك يقعون يوما ترد فيه المظالم تحت سيف القانون.. إن احترام مواثيق الأمم المتحدة واتفاقيات دولة وقعت عليها الدولة، واعترفت بها دساتيرها من حق التظاهر يجب أن تحترم بل يجب على الدعوة لحمايتها.. هكذا هو العالم المتحضر والمحترم.. ولا تحكوا لنا قصة قانون التظاهر المستبد الذى سطر بيد الاستبداد وبصم عليه البرلمان فى لحظة سوداء وجعل شباب الثورة خلف القضبان.. فليس لحاكم أو سلطة حق اعتراض على مظاهرات غضب نتيجة انفراد الحاكم بالقرار فى قضية تيران وصنافير بعيدا عن مؤسسات تحكم بالحق والعدل فى مسائل الأرض والأوطان.. فقد انتهى زمان الحاكم الملهم وأنصاف الآلهة المصنوعة بهذيان أبواق النفاق.. وأصبحت قراراتهم مسجلة بحروف من طغيان حكمهم واستبدادهم.. حقا إن أنظمة الحكم لدينا تورث بعضها البعض غباءها.. فلم يتعلم حتى الآن نظام من أخطاء سلفه.. فالكل من نفس الوعاء.. حماية المتظاهرين هى مسئولية منصوص عليها فى الدستور والقانون وعرف البلاد.. والطابق الخامس للأجهزة الأمنية من البلطجية معروف للقاصى والدانى.. والمظاهرات أيضا لا يجب أن تلجأ لعنف ولا غيره من أعمال تخرج عن التظاهر السلمى، وإلا خسر المتظاهرون قضيتهم.. نعم لا يجب أن يغيب علينا ألاعيب أنظمة الحكم فى مثل هذه الأمور.. الدم مسئولية لا تسقط بالتقادم والعقاب لن يترك صغيرا ولا كبيرا.. وليتكم تتذكرون التاريخ القريب جدا إن كان لا يسعكم الوقت لقراءة تاريخ أباطرة الطغيان.