كان «حازم» موضع عطف وتدليل أمه وأبيه، لكنه كان يمل المحبة الشديدة، وكان طارق ورفاقه فى الجماعة يهربون من برد الحرمان والتوحد إلى الدفء فى المجموع، حتى ولو كان قطيعاً من البشر. فضل «حازم» دفء القطيع على حصار الحب الأسرى، فانساق وراء الجماعة واندمج فى أسرة السبيل، بعد أن ضاق ذرعاً بشلة الشباب الذين دعوه إلى المسمط. اعتبرهم مدللين أكثر من اللازم. وجد فيهم الصورة المشوهة للابن المدلل الذى يهدف والداه إلى أن يكونه!.
ورغم هدوئه الشديد والتزامه الواضح بعد انضمامه إلى إخوة السبيل، أثار «حازم» عاصفة من القلق بينهم!. كان مصطفى شديد السخرية من أسلوب لبسه وطريقة كلامه الرقيقة التى اعتبرها نوعاً من الارتخاء فى الشخصية. وظل مصطفى على أسلوبه فى الغيرة خصوصاً بعدما بدأت ثقافة حازم الدينية تنمو، بالإضافة إلى سخائه فى الإنفاق على العديد من أوجه أنشطة الدعوة فى السبيل. وقد أصبح حازم بمرور الوقت محل اهتمام الدكتور عادل صلاح، وبدأ يكلفه ببعض المهام الخاصة. كما أصبح شديد القرب من طارق الذى كان يدافع عنه باستمرار ضد هجمات مصطفى السيد عليه!، لكن مصطفى تمكن من خلق جيب نقمه من جانب بعض إخوة السبيل على حازم، خصوصاً أنهم كانوا يشعرون بفجوة بينهم وبينه، رغم أن حازم فى المقابل لم يكن يشعر بهذه الفجوة!. كان يحاول أن يذوب فيهم قدر ما يستطيع.
- صوت يعلو بالإنشاد: «ياللى قاسيت فى الطب قصدك.. قصدك تداوينى.. تداوينى.. أنا مش عليل بجراح.. أنا علتى فى الحب.. فى الحب».
- مختار: آه.. أنا علتى فى الحب.
- أمل: ما هذا يا مختار؟!.
- مختار: ما هذا؟!.. «تتحدث وكأنها سائحة أجنبية».
- أمل: هيه!.. مختار؟!. ما هؤلاء؟!. وما هذه الخيام المضروبة على جوانب السبيل؟!.
- مختار: طبعاً لا تعرفين الموالد!.. أولياء الله الصالحين فضلوا منذ القدم السكن فى الأحياء الشعبية!.. كان من الممكن أن تحدث كارثة إذا كان هناك أولياء لهم موالد فى أحيائكم!.. كان من الممكن أن يكون هناك مولد سيدى «توتو» وسيدى «لولو»!.
- أمل: ما هذه التخاريف يا مختار؟!. إننى أعرف أن هناك موالد. إننا جميعاً نحتفل بمولد النبى!.. ولكن لم يسبق لى أن شاهدت موالد أولياء قبل ذلك!.. وقد جاءتنى فرصة للفرجة!.
- مختار: نعم!.. الفرجة فقط!.. شىء أروع من مشاهدة السينما والتليفزيون. شىء من الواقع. بالنسبة لك شىء من الحياة.. أما بالنسبة لنا فشىء من العذاب!.
- أمل: عذاب؟! أى عذاب؟!.
- مختار: عذاب الضوضاء!.. وانقطاع المياه والكهرباء!.. عذاب القفف التى نتعثر فيها كلما مشينا!.. زحف الريف على المدينة. زحف القفف! بدلاً من تمدين الريف أصبح هناك ترييف للمدن!.. تخلف!!.
- أمل: إنها عادات شعبية جميلة من المفروض أن تستمتع بها!.
- مختار: إنك زائرة ولست مقيمة.. المتعة للزائر والعذاب للمقيم!.