محمد بغدادى
الإرهاب الاقتصادى.. داخلى وخارجى!
كتبت الأسبوع الماضى فى هذه الزاوية عن: (أزمة الإعلام.. وإدارة الأزمة.. وخطاب الرئيس).. وفى نهاية المقال قلت إن للحديث بقية.. إن كان فى العمر بقية.. والحديث متصل حول إدارة الأزمة.. فلا أحد يستطيع أن ينكر أننا نمر بضغوط داخلية وخارجية.. متعددة ومتنوعة.. وعلى جميع المستويات.. ضغوط سياسية.. ومنظمات حقوقية.. وجماعات وميليشيات إرهابية مسلحة متعددة الجنسيات.. ولعل أخطر هذه الضغوط وأشدها عتوا وفتكا بإرادة الشعب المصرى.. هى الضغوط الاقتصادية.. التى تمارس على الدولة المصرية فى الداخل والخارج.. والتى وصلت إلى حد الإرهاب الاقتصادى.. تماما كإرهاب المنظمات الإرهابية المسلحة فى سيناء.. وكل هؤلاء يسعون لتركيع مصر وسحق إرادتها الحرة.. فأصحاب المصالح فى الداخل من بقايا عصر الفساد.. ومافيا الاحتكارات.. وشبكة المستوردين من الخارج.. والتى تمر عبر بوابات ومنافذ الفساد الكبرى.. وبشكل (شرعي!!) وفى وضح النهار تحت سمع وبصر كل الأجهزة الرقابية.. مستعينة بشبكات الفساد والمصالح.. من خلال (الفواتير المضروبة).. وشهادات منشأ.. ومواصفات قياسية أيضا (مزورة!!).. حاملة لنا كل الأمراض التى أصابت الشعب المصرى وكلها جاءت عبر بوابات الفساد المفتوحة على البحرى منذ أربعين عاما.. وما زالت حتى الآن تمارس فسادها بثبات وانتظام وتوسع! حتى تراجع سعر الصرف للجنيه المصرى.. وكانت النتيجة الخراب المستعجل.. وعجز فى الموازنة بالمليارات.. وكل هؤلاء ليس لديهم أدنى شعور بالوطنية.. ولا بالأزمة التى تهدد الدولة المصرية.. وتطيح باستقلال القرارات المصيرية المصرية.. وكل همهم التربح والثراء الفاحش.
وفى الخارج كل قوى الشر تتربص بمصر.. وتستخدم كل الوسائل المشروعة.. وغير المشروعة.. من أجل وضع مصر فى عزلة دولية.. وتضيق الخناق عليها لإسقاط الدولة تحت الضغوط الاقتصادية.. أو ممارسة الإرهاب الاقتصادى الدولى من أجل إخضاع مصر لتنفيذ مخططات المشروع الصهيونى الأمريكى.. ومنها الهجمة الشرسة للمنظمات الحقوقية بالداخل والخارج.. وتنازل مصر عن جزيرتى (صنافير وتيران).. فى توقيت غير موفق بالمرة.. أحد وسائل الضغط.. ليتحول المجرى الملاحى من المياه الإقليمية المصرية.. والسيادة المصرية عسكريا وملاحيا.. إلى ممر دولى.. وهذا يتيح لإسرائيل التدخل بطرق متعددة إحداها التدخل العسكرى فى أى لحظة احتكاما للقانون الدولى للمياه الإقليمية.. للضغط على مصر.. والقبول بما لا يتفق مع مصالح ومستقبل الشعب المصرى.. واستقلال القرار السياسى المصرى.
وهنا يقفز السؤال الأزلى.. هل هذا يعنى أن نفقد الأمل ونصاب بالإحباط واليأس الأسود.. ونذهب لننتحر (!!).. بالطبع لا.. وليست هذه الرؤية الكابوسية سببا فى كتابة هذا الكلام.. الهدف فقط هو طرح المخاطر لندرك حجمها الحقيقى والخطير.. لنبحث معا عن الحلول.. وهى ليست مستحيلة.. ولا تحتاج إلى معجزة.. والبرازيل وصلت إلى الدرك الأسفل من الانهيار.. والأرجنتين.. واليابان وألمانيا بعد هزيمتهما فى الحرب العالمية.. وغيرها من الدول.. فالحلول متاحة ولكنها فقط تحتاج لإرادة سياسية.
فالرئيس عبد الفتاح السيسى جاء إلى كرسى الرئاسة بإصرار شعبى جارف.. ومنح عبر استفتاء عام تفويضا على بياض من الشعب المصرى.. بأن يطيح بكل من يعرقل مسيرة مصر.. وكل من يقف فى طريق مستقبل الأمة المصرية.. لتتبوأ مكانتها التى تستحقها بين الأمم.. ومصر تستحق ذلك وأكثر.. والرئيس السيسى يستحق هذه الثقة وأكثر.. إذن أين المشكلة! المشكلة أن الدولة المصرية ما زالت يسيطر على مفاصلها.. ومؤسساتها شبكة أصحاب المصالح.. وأصحاب النفوذ.. وهناك مصالح كبرى بالمليارات لا يمكن التخلى عنها طواعية.. تحتاج إلى حرب ضارية كتلك التى تخوضها الدولة بشراسة ضد الإرهاب فى سيناء.. وكذلك هنا إرهاب اقتصادى يحتاج إلى حرب شرسة.. بل أشد ضراوة من حرب الميليشيات المسلحة فى سيناء.
ولا توجد أى قوة فى مصر تمتلك قوة الردع اللازمة لضرب الإرهاب الاقتصادى.. سوى الدولة المصرية القوية.. وتبدأ الحلول بوضع رؤية اقتصادية من كبار الخبراء المخلصين الوطنيين.. نقول ونكرر المخلصين والوطنين.. وعلى الرئيس أن يعيد النظر بشكل حاسم وحازم فى مستشاريه ووزرائه.. ويبحث وينقب عن المخلصين الحقيقيين وما أكثرهم.. وعلى الرئيس ألا يعير أصحاب المصالح التفاتا.. ويدير ظهره للعبة التوازنات وحرب الأجهزة (!!).. والمواءمات السياسية (!!).. وعليه أن يستدعى الظهير الشعبى الذى وقف إلى جواره فى 30 يونيو و3 يونيو و26 يوليو.. إنه الشعب المصرى.. وأى حاكم يستبعد الشعب بقوته وزخمه ووطنيته من معادلة الحكم.. سيضطر لمواجهة أعداء الوطن بطوله وحده وبمفرده.. ولكن من يضيف إلى معادلة الحكم قوة شعبه لن يهزمه أحد بعون الله وقوته.. فالشعوب لا تنهزم أبدا.. تخلص يا سيادة الرئيس من الفاسدين.. وابحث عن الخبراء المخلصين.. واعتمد على الله واستند إلى الظهير الشعبى فلن يخذلك أبدا فى حربك ضد كل أنواع الإرهاب.