توارَى الشعارُ الأساسىُ لتظاهرات اليوم والذى كان مخصصاً لرفض التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير، وتصدَّرت خلطةٌ أخرى تَبعُد عن الموضوع الأصلى، فيها عن إسقاط النظام وإعادة مرسى إلى الكرسى، وفيها عن اعتصام أمام أقسام الشرطة والسجون للمطالبة بالإفراج عن “الأسرى”..إلخ. وهذا ما يجعل تظاهرة اليوم تختلف كثيراً عن التظاهرة السابقة.
يبدو أن البعض يتوهم أن الحشود المليونية أمر سهل! وللتذكرة، فإن حركات كفاية وأخواتها، لم تنجح عبر ما يزيد على 5 أعوام فى حشد مليونية واحدة، برغم وطنية وخبرة زعمائها وتاريخهم المشرف، ولكن الملايين استجابوا بعد ذلك فى يناير 2011 لأسباب أخرى يطول فيها الكلام.
أما اليوم، فلم يعد من المتوقع أن نشهد مليونية، لعدة أسباب إضافية مستجدة، لعل أهمها الإعلان الصريح من الإخوان بالمشارَكة بشعاراتهم، وهو أمر صار طارداً للجماهير العريضة التى أعلنت مراراً رفضها لهم ولكل من يطرح مبدأ المصالحة معهم. كما أن الداعين للتظاهر تحت الشعار الذى توارى، لم يصدر عنهم ما يوضح أين هم اليوم وأين الإخوان، وأين هم من الإخوان!
ما هو المنطق الذى تقنع به الجماهير عن تحالفك مع الإخوان، أو قبولك للخروج معهم اليوم؟ هل للاشتراك معهم فى الدفاع عن مصرية الجزيرتين؟ ولكن فضيحة الإخوان مدوية عن تخطيطهم أثناء حكمهم للتنازل عن حلايب وشلاتين وعن قطعة من سيناء لا خلاف على مصريتها. هل تتظاهر معهم ضد الفساد والمحسوبية، وهم أصحاب السجل المُخزِى؟ يكفى فقط استيلاؤهم أثناء حكمهم على 13 ألف وظيفة تتحكم فى مفاصل الدولة، ومنحها لكوادر السمع والطاعة. هل تقف معهم اليوم ضد الأزمة الاقتصادية. وهم الذين دمروا السياحة، أهم عناصر الاقتصاد الوطنى، بعملياتهم الإرهابية؟ هل تصطف معهم دفاعاً عن حقوق الإنسان، وهم يهدرون الحق فى الحياة الذى هو أهم حق؟
أما وقد ساد الارتجال، فلم يعد هنالك سوى المناشدة بالالتزام بالسلمية المطلقة، وبالحرص على الممتلكات العامة والخاصة، وبإدراك خطورة تهديد النظام العام ومؤسسات الدولة. كما أنه على الشرطة أن تتولى مسئولياتها فى حماية المتظاهرين السلميين والسيطرة بالقانون على أى انفلات يهدد الأمن العام وسلامة المواطنين.