المساء
مؤمن الهباء
شهادة -لا حديث عن سد النهضة!!
سافر وزير الري الدكتور محمد عبدالعاطي إلي السودان واثيوبيا.. وأجري في البلدين مفاوضات حول أهم قضية حيوية تشغل المصريين حالياً.. وهي قضية سد النهضة.. وعاد بسلامة الله إلي أرض الوطن.. لكنه حين سئل عن الزيارة والمفاوضات قال قولته الأثيرة التي قالها من قبل: "لا حديث عن سد النهضة".. مكتفياً بأنه- كما ذكرت المساء- سوف يتقدم بتقرير عن نتائج الزيارة للمهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء.
كأن مفاوضات سد النهضة قد تحولت بقدرة قادر الي سر عسكري يريد الرجل أن يظل محفوظاً بينه وبين رئيس الوزراء.. أما الرأي العام صاحب الحق الأصيل في المعرفة والمساءلة والمحاسبة فلم يزل قاصراً.. ويخشي عليه من الإطلاع علي الأسرار.. مع أن هذه الأسرار المزعومة معلنة في السودان واثيوبيا بعد دقائق من خروج الوزير من قاعات المفاوضات الرسمية.. ومن ثم فالطرف الوحيد المستبعد من حق المعرفة المباشرة هو الرأي العام المصري الذي هو أكثر الأطراف التصاقاً ومتابعة للقضية.
لا أعرف من الذي أدخل في فهم الوزير أن أي كلام عن مفاوضات سد النهضة سيضر بمصالحنا ويكشف أوراقنا أمام اثيوبيا.. حتي لو كان الوزير عائداً للتو من أثيوبيا.. وبالتأكيد هو جلس إلي الإثيوبيين وعرض عليهم مخاوفنا ومطالبنا.. وكشف أمامهم الأوراق التي تلعب بها مصر والأهداف التي تحقق مصالحها.
أما صحيفة "أخبار اليوم" فقد نقلت عن "مصدر مسئول" بوزارة الري قوله بمناسبة زيارة الوزير وعودته سالماً إلي أرض الوطن إن الإثيوبيين أكدوا أن مصر تعتبر شريكاً استراتيجياً لإثيوبيا.. ولا يمكن انتقاص نقطة واحدة من حصتها السنوية في مياه النيل بسبب سد النهضة.. وقد جاء هذا التأكيد خلال اجتماع وزير الري د. عبدالعاطي مع نظيره الإثيوبي لبحث ملف سد النهضة.
بالله عليكم.. اذا كان هذا التعهد صحيحاً وصادقاً وموثقاً فهل يترك ليعلنه مصدر مسئول بوزارة الرأي أم يقوله الوزير بملء فيه بعد أن يأخذ عليه الإثباتات اللازمة كموقف دولة.. وبالمناسبة هذا التعهد المكتوب والمعلن والصريح يكفينا.. بشرط أن يكون واضحاً لا لبس فيه.. ولا يكون مجرد تصريح في الهواء كتصريحات كثيرة أعلنت من قبل لخداعنا وتحذيرنا حتي يكتمل بناء السد ونصبح أمام أمر واقع لا نملك إزاءه شيئاً.
كان من الواجب أن يتحدث وزير الري بنفسه إلي الاعلام عن تفاصيل ما دار في المفاوضات بكل شفافية.. وأن يكون صريحاً وواضحاً.. حتي لا نفاجأ في يوم ما بحقيقة صادمة لم نكن مستعدين لها.. مثلما حدث في ملف جزيرتي تيران وصنافير.
في الأسبوع الماضي أعلن الرئيس السوداني حسن البشير تصريحاً غريباً وغامضاً قال فيه ان التحفظات المصرية بخصوص سد النهضة تم تجاوزها.. ولم يقل لنا أحد أي توضيح لما يعنيه بـ "تم تجاوزها".. هل يقصد أنه تم حل المشكلات العالقة والتخوفات و"الشواغل" المصرية.. أم يقصد تم القفز عليها وطرحها وراء الظهور؟!
مثل هذه التصريحات الملتبسة والغامضة يجب علي وزير الري في زيارته الأخيرة أن يوضح حقيقتها.. يذهب الي هناك ليسأل ويعود إلينا بالإجابة المقنعة.. لكن للأسف اكتفي الوزير بتطبيق المنهج الذي وضعه لنفسه منذ أن جاء إلي الوزارة "لا حديث عن سد النهضة" وللأسف يحسب الرجل أنه بذبلك يحسن صنعاً.. بينما هو في الواقع يحجب الحقائق عن الشعب الذي استأجره.. الشعب صاحب الحق الأصيل في ا لقضية وهو الذي سيتحمل مسئولية أي تصرف يتصرفه الوزير أو حكومته.. كلنا زائلون وذاهبون ويبقي الوطن.. ويبقي الشعب.. هذه الحقيقة يجب ألا تغيب عنا جميعاً في زحمة المناصب والمسئوليات.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف