الجمهورية
طارق الأدور
مواقع التناحر الاجتماعي "5" قتل الشباب
مازال الحديث عن لغة العصر "مواقع التواصل الاجتماعي" مستمرا والتي تحولت في مجتمعنا إلي مواقع للتناحر وتبادل السباب والشتائم والخروج عن النص بكل الوسائل والكلمات والصوت والصورة وتناولت في الحلقات السابقة كيف اصبحت هذه المواقع فيس بوك وتويتر ويوتيوب وانستجرام وسيلة لتنافر وتناحر المجتمع بعيدا عن الهدف الرئيسي الذي أسس من أجله مارك زوكر برج اشهر مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك في عام 2004
وقضية اليوم في مواقع التناحر الاجتماعي تحمل عنوان قتل الشباب ولا اقصد بها هنا القتل بمعناه المألوف وإنما قتل طاقة الشباب التي تحولت من ممارسة الرياضة والحركة البدنية إلي جلوس أمام الأجهزة الالكترونية لساعات طويلة تؤثر علي القوي العضلية للشباب بجانب اثرها السلبي الخطير علي الشرايين والأوردة العميقة والجهاز العصبي والفقرات العنقية والقطنية.
في نهاية التسعينيات حضرت ندوة رياضية كان مجمل الحوار فيها حول اهمية ممارسة الرياضة وبخاصة في سن الشباب اليافع بين 15 و30 سنة وهي السن الرياضي الذي يحقق أفضل انجازاته وهو قمة العطاء الفني والبدني ووقتها دار حوار خلال الندوة عن أثر ظهور الالكترونيات علي الحالة الصحية والبدنية للشباب ولم يكن هناك وقتها من الالكترونيات سوي أجهزة الكمبيوتر العادية لأنه حتي أجهزة الكمبيوتر المحمولة "اللاب توب" لم تكن شائعة ومنتشرة.
الآن لم تعد الالكترونيات كمبيوتر يجلس عليه الشاب بضع ساعات لارسال الايميلات أو تصفح الانترنت وإنما اصبحت شبكة من الالكترونيات تحيط بالطفل من كل جانب ولم تعد داخل المنزل فقط وإنما بين يديه في كل مكان من خلال الهواتف الذكية.
ومنذ بضع سنوات كنت اقوم بعمل دراسة علي معدلات اللياقة البدنية للشباب في مصر وكانت العينة المختارة في المرحلة السنية من 15 إلي 30 عاما والتي يفترض انه تكون في الفترة الذهبية للعطاء من خلال اقصي معدلات للياقة البدنية.. كانت الدراسة تستند إلي قيام الشباب بجهد بدني محدد "شبيه باختبارات كوبر للحكام" ويتم قياس الزمن والقدرة العضلية من خلال عنصر النيتريت.
النتيجة كانت محبطة للغاية وقتها لأن أكثر من 88% من الشباب في هذه الحقبة الذهبية كانوا أصحاب وزن فوق الطبيعي ومعدلات اللياقة البدنية لديهم تقل عن 50%.
كانت هذه النتائج قبل التطور الرهيب في مواقع التناحر الاجتماعي التي قضت علي البقية الباقية من معدلات اللياقة البدنية لشبابنا.
اعود إلي دور هذه المواقع في حياة الشباب والتي أصبحت بين يديه لأكثر من 14 ساعة من أصل 16 ساعة يعيشها مستيقظا إذا اعتبرنا ان 8 ساعات يوميا هو المعدل الطبيعي للنوم.
الشاب الذي كان يخرج طاقته في مبارياته الرياضية والجري والعدو ولعب الكرة في الماضي أصبح يقضي ثلاثة أرباع عمره حاملا للموبايل أو الايباد يتصفح ويري كل ألوان السباب والقذف وهتك الاعراض عبر مواقع التناحر الاجتماعي.
وفي دراسات عديدة من السهل البحث عنها طبيا الآن وجد ان معدلات الاصابة بالجلطات وأمراض القلب والشرايين قد ازدادت جدا لدي الشباب بسبب الجلوس لفترات طويلة أمام هذه المواقع للتصفح والشات.
هذا إلي جانب أمراض الجهاز العضلي والعصبي التي أصبحت تضرب الاعمار الصغيرة من خشونة الفقرات وتأثر الأعصاب الطرفية وغيره.
هذه فقط بعض وليس كل المشاكل التي اصابت الشباب بسبب هذه المواقع التي جعلت مدربي الرياضات المختلفة الآن يجاهدون للبحث عن شباب يمارس اللعبات بعد ان هجروا الرياضة وقضوا حياتهم بين الالكترونيات.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف