ما هي الأدلة التي تثبت أن هذه الديانة سماوية وتلك أرضية؟، من الذي يمتلك قدرة على التمييز بين السماوي والأرضي؟، هل للسماوي علامات ترشد عنه وتميزه عن الأرضي؟
فى ظني أن السماوي مسألة غيبية، فما تقدمه للتدليل عليه يقدمه غيرك وبنفس الحجم والنوعية لنفيه، نحن نصدق انه سماوي لأننا نريده سماويًا، ليست لدينا الرغبة ولا القدرة على التفكير فيه، قبلناه كما قالوه لنا ، فقد ورثناه كما هو، تشكيكنا فى سماويته ينسحب بالضرورة على الإله وعلى الديانة التى نتبعها، وعلى الرسول الذى جاء بها.
أتباع الديانات يعتقدون أن الله عز وجل، مهما اختلفوا حول اسمه أو ذاته من ديانة إلى أخرى، هو الذي اختار أحد البشر وكلفه بحمل الرسالة السماوية، وأن المختار الوحيد القادر على الاتصال بالسماء والتحدث نيابة عنها، وأن الديانات الأخرى صناعة بشرية، وكتبها ليست مملاة من السماء، بل مؤلفة ومنتحلة أو أنها محرفة، وهذا الاعتقاد تتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل، وإذا سألت أحدهم قدم لك العشرات من الأدلة التي تؤكد ان ديانته سماوية، وأن سائر الديانات الأخرى صناعة بشرية أو دخل عليها التحريف، الذى يؤمن باليهودية لا يؤمن بوجود المسيحية، والمسيحية تعترف باليهودية بأنها سماوية، وأن المسيح جاء ليكمل ويصحح ويرفع الخطية عن البشر، فى نفس الوقت لا يعترفون بالديانة الإسلامية، لأن ديانتهم هى الأخيرة ولا ديانة بعدها.
أتباع الإسلام يؤمنون بأن الله عز وجل أنزل قبل الإسلام اليهودية والمسيحية، ويرون أن الإسلام خاتم الأديان، لا أنبياء بعد محمد عليه الصلاة والسلام، وأن أتباع اليهودية والمسيحية قاموا بتحريف كتبهما المقدسة، وأن كتابيهما المتداولين حاليا لا يتضمنان كلام الله عز وجل، (ربما بعضهما محرف، وربما معظمهما)، وهذا يعنى فى الثقافة الإسلامية أنه لا كتب سماوية سوى القرآن، ولا ديانات سماوية سوى اليهودية والمسيحية والإسلام.
القرآن الكريم ذكر بعض الديانات، مثل اليهودية والمسيحية والصابئة والمجوس: "إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة" ـ الحج- 17.
حسب الأدبيات الإسلامية، أن الله عز وجل اختار لكل أمة رسولًا، ذكر بعضهم ولم يذكر الآخرين: " منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك" ـ غافر- 78، وقد تفتح الآية الباب إلى الظن، فقد تكون البوذية سماوية، وقد تكون الزرادشتية من الديانات السماوية، وقد يكون غيرها الكثير من الديانات السماوية، لكن المؤكد حسب أتباع كل ديانة، أن الديانات التي جاءت بعد ديانتهم ليست سماوية.
أغلب الظن أن قضية السماوي والأرضي لا يمكن حسمها، وأن القول الفصل سنتلقاه فى الآخرة، يومها فقط، سنميز وبشكل قاطع وحاسم بين السماوى والأرضى، بين ما نزل من الله عز وجل، وبين ما اختلقه الإنسان وعبده.