عبد القادر شهيب
شيء من الأمل - اللهم ارحمنا من غبائهم السياسي !
الغباء السياسي هو الذي يخدعك بأننا لا نتعرض لأية مؤامرة وأننا لسنا مستهدفين من أحد، واننا نجني ما صنعت أيدينا فقط ولا دور لقوي خارجية أو داخلية فيما نعانيه
أن ينتهز الاخوان وحلفاؤهم ومعهم وكلاء أمريكا في مصر دعوة بعض الرافضين لاتفاق تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية للتظاهر لتوجيه هذه المظاهرات نحو صدام واقتحام مراكز وأقسام الشرطة والسجون، فهذا أمر متوقع.. لأن هؤلاء لا يطيقون استمرار الحكم الحالي ويتمنون اليوم قبل الغد أن يتغير لكي يتمكنوا مجدداً من الإمساك من قبلهم أو بواسطة أنصار لهم بهذا الحكم.. لذلك لست مفاجأ أن يروج هؤلاء لممارسة العنف، وتحديداً ضد الشرطة ومؤسسات الدولة سواء في مظاهرات ٢٥ ابريل أو أي مظاهرات أخري سبقتها أو سوف تتلوها.
لكن الذي يدهشني هنا أن يتورط بعض الرافضين للسياسة الأمريكية في منطقتنا والذين يعادون أفكار جماعة الاخوان في الترويج لدعوات العنف التي اقترنت بها دعوات التظاهرات أو بالأصح فرضت عليها فرضا من خلال فيديو لشابة ليست معروفة من قبل ولا يبدو أنها تقيم داخل مصر..!
يدهشني ذلك لأن هؤلاء لا يكفون عن الدعوة لأفكار وقيم العيش المشترك ونبذ التعصب والعنف، وهم يدركون أنهم سوف يتحولون ضحايا إذا ما نجح الاخوان في استعادة حكم البلاد، أو إذا تمكن وكلاء أمريكا من هذا الحكم.
ويدهشني ذلك أيضاً لأن هؤلاء مثلما سبق أن جربوا حكم الاخوان الفاشي والمستبد وعانوا منه الكثير وتمنوا مثل جموع المصريين في التخلص من هذا الحكم.
ويدهشني ذلك كذلك لأن هؤلاء يعرفون أن الولايات المتحدة لم تدخل بلداً وتتحكم فيه الا وضربته وقوضت كيان دولته الوطنية وفرضت عليه انقساماً وتقسيماً وفوضي واضطرابات وأوضاعا اجتماعية وسياسية واقتصادية شديدة السوء.
ولا تفسير أجده مقبولاً ومقنعاً لدي لاصطفاف هؤلاء مع وكلاء أمريكا ومع الاخوان وحلفائهم علي هذا النحو سوي الغباء السياسي!.. الغباء السياسي وحده هو الذي يفسر لنا لماذا يصر هؤلاء المعادون للسياسات الأمريكية وللاخوان علي السواء علي ان يلدغوا من ذات الجحر مرتين وثلاث وأربع انهم يريدون تكرار ما حدث في ٢٨ يناير عندما تم اقتحام وحرق وتخريب أقسام ومراكز الشرطة وسرقة السلاح الذي كان موجوداً بها، وأيضاً اقتحام عدد من السجون وتهريب المسجونين فيها ومنهم من خرج لنشر الفوضي وممارسة جرائم السرقة والنهب والابتزاز في المجتمع.. أليس هذا ما دعت اليه صراحة تلك الفتاة حينما تحدثت عما اسمته اطلاق الأسري، وبالمناسبة هذا هو المصطلح الذي سبق أن استخدمه الاخوان عندما أخرجوا قادتهم وكوادرهم من السجون، وأيضاً استخدمته حماس ومعها حزب الله اللبناني عندما أطلقا كوادر لهما كانت موجودة في السجون المقتحمة!.
الغباء السياسي هو الذي يجعلك تنفذ ما يريده عدوك دون أن تدري أو تدرك أنك تخدم هذا العدو وتحقق له أهدافه.. أولا تدري أنك تضر نفسك وتلحق الأذي ببلدك ووطنك الذي تحرص عليه وتخشي أن يصيبه أذي.. ولا تعي أنك صرت أداة أو سلاحاً لمن يريد النيل من كيان دولتك الوطنية أو يريد فرض الهيمنة والتبعية عليك وعلي كل أبناء شعبك أو يبغي الانتقام من بلدك الذي أجهض له مخططاته التي أعدها لمنطقتك!.
الغباء السياسي هو الذي يخدعك بأننا لا نتعرض لأية مؤامرة وأننا لسنا مستهدفين من أحد، واننا نجني ما صنعت أيدينا فقط ولا دور لقوي خارجية أو داخلية فيما نعانيه من مشاكل وأزمات اقتصادية وغير اقتصادية.. وتتجاهل شواهد تخرق العيون كلها تؤكد وجود تآمر علينا مستمر ومتزايد ومتصاعد!.
الغباء السياسي هو الذي يجعلك لا تحسن تحديد عدوك الرئيسي والاستراتيجي بل وأن تعود لتعتبر عدوك السابق صديقا جديداً، رغم أن ما فعله بك هذا العدو لا ينسي بعد، سواء كان هذا العدو في الداخل أو الخارج.. وهو الذي يجعلك لا تحسن قراءة التاريخ لا القديم أو الحديث، وبالتالي دائماً تتخذ المواقف الخطأ في الوقت الخطأ وتجاه الشخص الخطأ.
هذا هو الغباء السياسي الذي أصاب البعض منا للأسف الشديد وصاروا بغبائهم السياسي يشكلون خطراً علينا.. وقديماً قال أجدادنا وآباؤنا «عدو عاقل خير من صديق جاهل»، وقالوا ورددوا أيضاً «اللهم احمني من بعض أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم».
ولن ينقذ هؤلاء من هذا الغباء السياسي، ولن ينقذنا من غبائهم السياسي الا إذا تخلص هؤلاء من العزلة الجماهيرية التي يفرضونها علي أنفسهم.. إن النصيحة الأولي والأهم للثائر الكبير جيفار هو ألا ينفصل الثوري عن الجماهير لأنه إذا انفصل عنها حكم علي نفسه بالموت، وجيفار نفسه تمكن أعداؤه من قتله بعد أن عزلوه عن الجماهير.. لو رجع هؤلاء إلي عموم الناس لاستلهموا منهم المواقف الصحيحة والصابئة ولعرفوا من هم حقاً أعداء هذا الوطن الحقيقيين؟