الأخبار
محمد السيد عيد
معارضو السيسي فاتهم أن الدنيا تغيرت وأنه لاتوجد نسخ كربونية من البشر
حاولت خلال الأيام الماضية أن أفهم المشهد المعارض للسيسي، وأن أتعرف علي فرق المعارضة التي نزلت الشارع معلنة احتجاجها، وهذا تحليلي المتواضع للمشهد :
في قلب المشهد عدد غير قليل من الرجال المخلصين لوطنهم، الغيورين علي أرضهم، المستعدين للتضحية بأرواحهم في سبيلها، وهم مواطنون يستحقون التقدير، وكثير منهم كانوا من مؤيدي السيسي، لولا موضوع الجزيرتين. وقد أبدي السيسي نفسه إعجابه بهذا الفصيل الوطني في أحد لقاءاته.
حول هؤلاء هناك فرق أخري عديدة، أولها جماعة الإخوان، وقد وجدوا في موضوع الجزيرتين فرصة للانتقام من السيسي وأنصاره الذين اتهموا مرسي يوماً بأنه كان يريد بيع جزء من سيناء، وأنه قبض ثمن الصفقة ثمانية مليارات دولار من أمريكا، واتهموه بأنه يريد التنازل عن حلايب وشلاتين للسودان، فهاهم الإخوان ينتقمون لرئيسهم المعزول بحملة مضادة ليقولوا إن السيسي باع أرضه. ومما يؤكد أن موضوع الجزيرتين مجرد ذريعة هو معرفتنا بأن الإخوان لايهتمون بفكرة الوطن، بل يهتمون بفكرة الخلافة. ونحن لاننسي قول المرشد السابق « طز في مصر». باختصار، لقد وجد الإخوان الفرصة لتصفية جزء من الحساب مع خصمهم.
الفريق الثاني من المعارضين هو فريق دعم الشرعية، وهم لايختلفون عن الإخوان في شيء. أما الفريق الثالث فهم السلفيون، والخلاف بينهم وبين الإخوان ليس خلافاً في الاستراتيجية، بل خلاف في التكتيك، فالسلفيون يؤمنون بنفس أفكار الإخوان، بل هم أكثر تشدداً منهم، لكنهم وافقوا علي الانضمام للحركة المضادة للإخوان لكي يبقي تيار الإسلام السياسي طرفاً في معادلة القوي السياسية الموجودة علي الساحة، بدلاً من الخروج الكامل من الصورة، وإذا كان السلفيون قد دخلوا البرلمان وصارت حركتهم شرعية إلا أن مافي القلب يبقي في القلب.
من معارضي السيسي أيضاً فريق الاشتراكيين الثوريين، وهم مجموعة من الفوضويين الذين يريدون إسقاط الدولة، وقد صرح أحد قادتهم بهذا دون مواربة، ولما هوجم قال : بل نريد إسقاط دولة الظلم كما قالت أم كلثوم في إحدي أغنياتها «يادولة الظلم اذهبي وبيدي». ومن المعارضين جماعة 6إبريل، وهم فريق ينتفع بإثارة القلاقل، ويسوؤه الاستقرار. وإلي جانب هاتين الجماعتين جماعات أخري منظمة، مثل بعض المنتمين للألتراس الذين وجدوا في إثارة الفوضي مصدراً للرزق، وهم جاهزون لترك تشجيع الكرة والتحول إلي السياسة فوراً إذا وجدوا من يدفع الثمن.
ومن المعارضين الذين شاركوا في مشهد الاحتجاج بعض الناصريين واليساريين، الذين كانوا يتخيلون أن السيسي سيكون صورة أخري من عبد الناصر، خصوصاً فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية، والموقف من الرأسمالية، والعداء مع أمريكا، والموقف المضاد للنظم العربية التقليدية. وفاتهم أن الدنيا تغيرت وأنه لاتوجد نسخ كربونية من البشر. فالسيسي بالتأكيد ليس أمريكي الهوي، وكلنا نعرف كيف نوع مصادر السلاح، ووطد علاقته بروسيا. كما أنه رجل مخابرات تعود أن يدير معاركه بهدوء وليس بطريقة عبد الناصر. فاتهم أيضاً أن الرجل يستفيد بمساعدة الدول التقليدية في مواجهة الأوضاع الاقتصادية الصعبة، كما فاتهم أنه ليس من الصواب أن يدخل في عداء مع الرأسماليين في وقت تسعي فيه الدولة لجذب استثمارات أجنبية، وإلا كان كمن يسعي للانتحار نظراً لظروف الدولة الاقتصادية الصعبة. لكني رغم كل شيء أري أن هذا الفريق يتحدث بجدية وإخلاص في موضوع العدالة الاجتماعية، وأرجو أن يستفيد الرئيس السيسي برجاله في مجال تحقيق العدالة الاجتماعية، وأن يتخذ منهم مستشارين في المسائل الاقتصادية، فمن المؤكد أن اليسار المصري به رجال متميزون في الاقتصاد والتخطيط يستحقون أن تستفيد مصر بخبراتهم.
من معارضي السيسي، بل من خصومه، بعض الإعلاميين الذين يتعمدون التركيز علي السلبيات، وبث اليأس في نفوس الناس، خصوصاً في ظل غياب حقيقي لإعلام الدولة. إنها معارضة عريضة، اللهم سلم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف