المساء
محمد جبريل
ع البحري -في انتظار المد
التاريخ العربي ليس كله انتصارات. وليس كله هزائم. توالي الأمواج في المحيط العربي حمل - علي امتداد تاريخه - مد الانتصارات وجزر الهزائم.. وإذا كان الشاعر العربي قد تحدث عن الأزمة التي كلما ضاقت حلقاتها. جاء الفرج. فإن ذلك بالفعل هو ما شهده التاريخ العربي في توالي عصوره.
إسهامات العرب في المسار الإنساني مما يصعب إغفاله. أو التهوين منه. وعصور الضعف العربي - كانت عصوراً متتالية بالفعل!- حقائق معلنة لا يصح مواجهتها بمنطق النعامة التي تدفن رأسها في الرمال.
من حكايات التاريخ العربي ان التتار قدموا الي المنطقة. قتلوا ودمروا وأحرقوا. أحاطوا الأرض العربية بأسوار من الهمجية والبربرية بلغت حد محاولة إلغاء العقل العربي بإغراق مئات الألوف من الكتب والمخطوطات في نهري دجلة والفرات. تحولت إلي جسر وطأه جنود التتار بسنابك جيادهم!
كان القتل هدفا في ذاته في كل المذابح التترية التي عاناها الشعب العربي. لم يكن وراء ما فعله التتار تصور لأي شيء. مجرد رغبة معلنة في السلب والاستحواذ. وإخضاع البلاد والعباد لمنطق القوة.
جري التتري بسيفه في أعناق الكثيرين من المواطنين العربي. لما حاول المواصلة. تبين صدأ سيفه. قال التتري للعربي الذي حال صدأ السيف دون ان يطيح بعنقه: ضع رأسك هنا. حتي أعود بسيف جديد! وأشار إلي شجرة مقطوعة..
وضع العربي رأسه علي جذع الشجرة. وانتظر حتي يعود التتري بسيف جديد.
قيل إن التتري عاد لاستكمال ما بدأ. بعد ان استبدل سيفه. فوجد رأس العربي مهيأة للاقتطاف. وقيل إن تتريا آخر رأي الرأس المعدة للذبح. فأطاح بها.
ذلك ما شهدته عصور الجزر. عصور الهزيمة والتخلف والانحطاط. لمن التاريخ العربي - كما نعلم - ليس وقفاً علي تلك العصور الأشد ظلمة. ثمة عصور أضاف فيها العرب إلي التاريخ الإنساني أعظم منجزاته.
إنها عصور المد العربي.
هل تعود ؟
هامش: كتب رجا شحادة المواطن الفلسطيني المسيحي. لديفيد جروسمن مؤلف كتاب "الزمن الأصفر": "يخيل لي ان المستقبل البعيد يحمل في ثناياه خطراً لإسرائيل أكثر منه لنا. لا يمكن ان ننكر حالة العالم العربي. إنه عالم يصعب جداً العيش فيه. عالم قمع. لكن إسرائيل قائمة علي تناقضات هائلة وطاقات متناقضة. تجعل وجودها محفوفاً بمخاطر كبيرة. مثلاً. هناك فرق كبير بين تصور الإسرائيليين لأنفسهم وبين الواقع. إنكم تعتقدون انكم قادرون علي كل شيء جزاء مقدرتكم علي التحكم بنجاح. بهذا العدد الكبير من السكان. لكن الواقع يدل علي آنكم تعتمدون بشكل كلي علي الأجانب. أنكم تذكرونني بالابن المدلل للرجل الغني الذي يعتقد انه قادر علي كل شيء. إلي أن يجد نفسه مضطراً لمجابهة الحياة وحيداً. ليكتشف عدداً من الحقائق المحزنة".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف