** فى تاريخ كرة القدم مدربون نجوم. وهم بشخصياتهم، وطبائعهم وكرتهم، يمكن أن يحققون شهرة أكبر من لاعبى فرقهم. ومن هؤلاء دييجو سيميونى مدرب أتلتيكو مدريد. وكنت قلت عنه من قبل إنه يذكرنى بأفلام رعاة البقر الأمريكية، وهو مثل سجين مكسيكى هارب بملابسه السوداء، التى لا يبدلها. وقالت عنه وكالة الأنباء الفرنسية: «سيميونى قلب الأسد». لكن الليلة بالتحديد سيكون: «الكونت دى مونت سيميونى». لأنه مطالب بالثأر من هزيمة قديمة، تذكرتها صحف ووكالات، وقعت أمام بايرن ميونيخ تعود إلى عام 1974، حين خسر أتلتيكو فى مباراة الإعادة بأربعة أهداف للاشىء، بعد التعادل فى المباراة الأولى بهدف لكل منهما.
** الليلة سيكون سيميونى مثل بطل قصة ألكسندر دوما (الكونت دى مونت كريستو)، التى تروى حكاية بحار شاب، ذهب إلى مارسيليا لخطبة فتاة، وخانه أصدقاؤه وحكم عليه بالسجن، وبعد 14 سنة هرب، وقرر الانتقام والثأر من الذين خانوه. والقصة سجلتها السينما العالمية بعدة لغات، وعرفتها السينما المصرية عدة مرات، باسم «أمير الانتقام حسن الهلالى»؟!
** يرى كثيرون أن المدرب الأرجنتينى دييجو سيميونى بملابسه السوداء حين يواجه بايرن ميونيخ الليلة، سيضع فى ذهنه الانتقام والثأر من تلك الهزيمة القديمة، التى نساها التاريخ. وسيميونى بات ظاهرة فى الكرة الإسبانية والأوروبية.. وبات مشهورا بإنتصاراته التى يحققها مع أتلتيكو مدريد، وعرف عنه أنه لا ييأس، ويحارب حتى الدقيقة الأخيرة. وهو صاحب شخصية عنيفة وشرسة وقاسية حتى على نفسه. ونجح مع فريقه على الرغم من أنه لا يملك القدر من النجوم نفسه الذى يملكه ريال مدريد وبرشلونة.
** مباراة الليلة بين فريق أتلتيكو العنيد بقيادة مدربه المقاتل، فى مواجهة القوة الألمانية التى امتزجت بالأداء الجماعى الجميل. وهو مافعله المدرب الإسبانى جوارديولا منذ توليه المسئولية. وهى مبارزة بلغة قصة ألكسندر دوما، وهى مبارزة أيضا بلغة كرة القدم بين مدربين وبين فريقين وبين أسلوبين مختلفين، ويعرف عن أتلتيكو الضغط على الخصم مبكرا، والدفاع الصارم، ثم شن الهجمات المضادة السريعة، ويستند سيميونى على التزام لاعبيه الكامل بمنهجه، وشدة تماسكهم داخل الملعب وتنظيمهم الجيد. بينما يلعب بايرن ميونيخ كرة جماعية هجومية، ويتحرك الفريق كتلة واحدة، فتتقارب خطوطه.
فيما يتناقل لاعبوه الكرة، ويتحركون، ويتبادلون مراكزهم فى مزيج متميز بين التيكى تاكا الإسبانية، والفلسفة الألمانية الكروية الشهيرة: «الخط المستقيم أقصر الطرق بين نقطتين».. ولاشك أن هذا الاختلاف بين الأسلوبين وبين المدربين وبين الفريقين، يمكن أن ينتج مباراة قوية ومثيرة تنثر المتعة على وجوه المتفرجين.
** لعل تلك المباراة ومباريات الدوريات الأوروبية وأبطال أوروبا، تريحكم من قصة الجمعية العمومية الطارئة لاتحاد الكرة وصراع الانتخابات المقبلة، والتى ترسم على الوجوه العبوس وملامح اليأس!