الصباح
كمال الهلباوى
زيارة الملك سلمان لمصر
سألنى كثير من الأصدقاء، فضلًا عن الإعلاميين وخاصة الشباب، عن رأيى فى زيارة الملك سلمان- ملك المملكة العربية السعودية – لمصر، وعن جزر صنافير وتيران، وزيارة الملك لجامعة القاهرة، ومنحه الدكتوراه الفخرية، وزيارته للأزهر الشريف. كل المصريين يفرحون بلم الشمل العربى والإسلامى، ويسعون إليه. ودور مصر فى هذا الإطار دور كبير، وهو دور الأخ الأكبر المحب لأسرته العربية، ومحيطه الإسلامى والإنسانى.
من هنا فإن مصر تفرح بتعميق العلاقات الأخوية والإنسانية، ومن ثم كانت رحلات الرئيس السيسى الخارجية وزيارات الوفود الخارجية لمصر العديدة، لإخراج مصر من عزلتها السابقة أيام المتنحى مبارك. ومن هنا كانت المؤتمرات والندوات واللقاءات التى تناقش القضايا الساخنة مثل الإرهاب وقضايا التنمية والارتقاء بالاقتصاد، ومنها الإنتاج والاستثمار والمشروعات القومية والمتوسطة والصغيرة.
تأتى زيارة الملك سلمان – فى هذا الإطار – والبلدان لهما مصالح معتبرة، ولكن المملكة العربية السعودية، فى ظنى هى المستفيد الأكبر من هذه الزيارة – لأوضاعها الحرجة وأوضاع المنطقة بأسرها– مهما كانت المنح والمساعدات التى قدمتها لمصر أو المؤسسات المصرية، ومنها الأزهر الشريف.
أهمية الزيارة تكمن فى عدة نقاط، من أهمها أنها أول زيارة يقوم بها ملك سعودى للأزهر الشريف. صحيح أن الأزهر لا يحتاج الى الاعتراف من أى زائر مهما كانت أهميته، وقد طبقت شهرته ومناهجه الآفاق، ولكن الحوار الإسلامى الإسلامى من أهم متطلبات تجديد الخطاب الدينى، كما أن الأزهر الشريف، وهو المدرسة الأقدم فى ميدانه، يدعو إلى التسامح والسلمية، ومن ثم كان تدريس جميع المذاهب الفقهية بما فى ذلك المذهب الإثنى عشر فى الدراسات العليا، وياليت كل المدارس الإسلامية تطبق هذا المنهج الفسيح حتى يختفى التشدد والتطرف، ونستطيع بذلك أن نهزم الإرهاب فى مكمنه، قبل أن يستفحل ويتحول إلى إرهاب قاعدى أو داعشى أو غير ذلك.
أهمية الزيارة تستبين من الحوار بشأن الحرب على الإرهاب مهما كان مصدره دون انحياز أو إقصاء بسبب الاعتقاد أو الجنس أو اللون أو المذهب الفقهى أو المواقع الجغرافية أو حتى الدين.
أهمية الزيارة تأتى فى الاتفاق والسعى، بل ومنهجة نشر الفكر الوسطى، ومصر هى الحاضنة لهذا الفكر العظيم، حتى مع بروز تطرف هنا أو تشدد هناك.
أهمية الزيارة تأتى كذلك بسبب الحرص على وحدة الأمة وقد تفككت على معظم المستويات، حتى أنها اليوم، للأسف الشديد تذكرنا بملوك الطوائف، وما الاستعانة بأمريكا والغرب ضد الظالمين من أبناء الأمة، إلا من قبيل الاستعانة بالفرنجة ضد بعض ملوك الطوائف، وقضايا فلسطين والعراق وسوريا واليمن خير دليل على ذلك.
وتستبين أهمية الزيارة فى مدى خدمة قضايا الأمة العربية والإسلامية بصدق وشفافية، ليس بالشكل الذى ظهر فى مؤتمر القمة الاسلامى الأخير فى تركيا - مبعث بعض الفتن والصراع فى المنطقة.
وتتضح أهمية الزيارة كذلك فى قضية التنسق الكامل الشامل فى مجالات التعليم والصحة فضلًا عن الأمن القومى العربى وحمايته، وأهمية الحوار فى حل القضايا العربية العربية أولًا بدلًا من الصراع.
أما موضوع الجزر فشأنه شأن عديد من القضايا، فإننى لا أستطيع أن أبدى فيها رأيًا أو حكمًا باتًا نهائيًا إلا إذا كانت الملفات كلها كاملة بكل تفاصيلها، ولكننى مع حرية التعبير وتعدد المنابر والثقة الكاملة فى القيادة التى لا يمكن أن تفرط فى ذرة واحدة من تراب الوطن الغالى، وإن كانت هى عرضة ككل البشر للصواب والخطأ.
وختامًا أقول إن الذى أزعجنى فى الزيارة، هى زيارة الملك سلمان للبرلمان، وأراها زيارة فيها إكراه للطرفين، للملك الذى لا يؤمن بالبرلمانات ولا شبيهات البرلمان، وفيها إكراه للبرلمان المصرى الذى يصفق فى مثل هذه الحالات أكثر من المشاركة الفاعلة، وقد ينسى دوره فى التشريع والرقابة. وللحديث صلة عن دور البرلمانات فى ظل الديموقراطية الصحيحة والله الموفق.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف