>>التأهيل النفسى هو الحل.. والقضية لن تحل بمنع التسليح فى أوقات الراحة أو حتى إعادة هيكلة منظومة أمناء الشرطة
مبدئيًا دع أمر شهداء الشرطة جانبًا ولا تحشرهم فى الحديث، فهم أطهر وأعظم من إقحام بطولاتهم ضد الإرهاب وتضحياتهم من أجل الوطن فى قضية أمين شرطة قنص مواطنًا بالرحاب لسبب أتفه من أن يخطر على ذهن طفل.
ولا تتعمد إحضار أرواحهم الطاهرة لتلهى الحواس عن الأرواح الشريرة التى تعبث فى المكان وتعتدى بدم بارد على كل من رفض خفض صوت الكاسيت أو من أصر على أخذ ثمن كوب الشاى،خصوصًا أن أرواح الشهداء لم تفارقنا أصلآ كى نستحضرها كلما اتزنقنا،دعنا ننتبه للأرواح الشريرة التى لا تزال تسرح فى فضاء البيت «الملصم »، الذى لا يحتمل مظاهرات أو اعتصامات أو وقفات أو أى خروج على طريقة الدرب الأحمر.
نهايته..الشهداء فوق رؤوسنا إلى أبد الدهر ولن ننسى فضلهم العزيز علينا وعلى الوطن.
«خلينا بأه » نتكلم عن الأحياء،الجلاد منهم والضحية، وتحديدًا عن سيكولوجية بعض الجلادين بالفطرة الذين تخرجوا من معهد أمناء الشرطة وكلفتهم الدولة بحماية الوطن والمواطنين ضد أى اعتداء، وكلفتهم أيضًا مبالغ كبيرة يدفعها دافع الضرائب ليغطى ثمن التدريبات والتأهيلات والبدلة الصيفى والشتوى والسلاح الميرى لضبط الأمن والاستقرار داخل المجتمع وتنفيذ القانون على الجميع، ثم استداروا فجأة بسلاحهم الميرى ليقتلوا به نفس المواطن الذى دفع ثمن السلاح مقدمًا.
هناك خلل ما يجب أن نضع أيدينا عليه فورا.
أمين الشرطة – بتاع الرحاب وغيره- لن يفعل فعلته تلك إلا عندما يشعر بإهانة أكبر من أن يعالجها بصفعة أو خناقة أو حتى تلفيق قضية، إهانة يراها من وجهة نظره تستحق قتل مرتكبها فورًا وبدون محاكمة.
أعتقد أن طلب ثمن سلعة اشتريتها للتو لا يحمل أى إهانة لك فى أى مكان فى العالم باستثناء المصحات النفسية.. أو فى روايات نجيب محفوظ عندما يتجرأ أحد سكان الحارة ويطلب حق السلعة من بلطجية الفتوة أو يرفض دفع المعلوم.
إذن ما هى الإهانة التى تخيلها أمين الشرطة أو توهمها أو شقت صدره بأى طريقة لتجعله يقتل مواطنًا أعزل أمام الناس فى وضح النهار لسبب تافه؟
أحد أساتذة علم النفس فى تحليل نفسى لسيكولوجية أم ن الشرطة بواقعة الرحاب ذكر لى أن الأمين يعانى مما يسمى فى علم النفس ب «الاضطراب النفسى لشخصية معادية للمجتمع » وهو مرض يصيب الفرد عندما يشعر أنه فى مرتبة أعلى من باقى البشر تجعله فوق المساءلة إن أخطأ.
الشخص المصاب بهذا الاضطراب له عدة مواصفات أهمها الاندفاعية والفشل فى التخطيط للمستقبل، شعور دائم بالتحدى، تقليل من المحيطين يجعله فى حالة غضب دائم، عدم تحمل للمسئولية، افتقار للإحساس بالذنب أو الندم – الأمين صرح بأنه غير نادم على فعلته - مع الاستخفاف بسلامة النفس والآخرين القضية واضحة يا سيادة وزير الداخلية، لن تحل بمنع التسليح فى أوقات الراحة أو حتى إعادة هيكلة منظومة أمناء الشرطة من جديد.
هؤلاء – بعضهم طبعًا – يعتقدون انهم أسياد والباقى عبيد، وثلاثون عامًا من حكم مبارك كانت كافية جدًا لترسخ داخلهم هذا الوهم، كما أن روح حبيب العادلى لا تزال تسكن داخل أجساد بعضهم وتحركهم وتتحكم بهم وتدفعهم للتعامل بهذه الطرق مع المواطنين، ولا تزال مناهج مدرسة الدولة الأمنية التى حكمت عهد المخلوع تؤثر فيهم وتداعبهم من حين لآخر .
أعلم أنه ارث.. ولكن التخلص منه ضرورة مهما كان الثمن، والحل بسيط جدًا، أن يدرك الأمناء وغيرهم أنهم ليسوا أسيادًا وأن المواطن ن ليسوا عبيدًا، وأنهم يؤدون خدمة أمنية مقدسة للمواطن والوطن، وأن الشرطى والمواطن سواء أمام المجتمع والقانون، وبينهم يفصل خط عريض من مبادىء حقوق الإنسان التى كفلتها كل الدساتير.
مهم جدًا أن يحتفل أفراد الشرطة بثورة يناير معنا كما يحتفلون بعيد الشرطة، كى يتذكروا دائمًا أن الخطأ لا ينبت خيرًا، والباطل لا يلد حقًا، وأن عهدًا جديدًا قد حضر لا تستهويه أساليب العهد البائد.
و لابد أن يعالج نفسيا كل من أصابتهم لوثة السيطرة والتسلط والتكبر والتجبر أو يبعدوا عن الخدمة العامة فورًا، لأن ما تواجهه مصر من أخطار لا يحتمل أى حالات فردية أخرى.