محمد جبريل
ع البحري- اتفاقية لحماية العالم من الدمار
هل يشهد العالم - بتوقيع هولاند رئيس إحدي الدول الصناعية الكبري علي اتفاقية المناخ - بداية جديدة للسعي نحو انقاذ المجتمع البشري من الأخطار البيئية التي تعد نتيجة مباشرة للتقدم الصناعي؟
إذا كان علماء النفس يتحدثون عن وجود إرادتين متضادتين داخل النفس البشرية. إرادة الحياة والموت.. فإن الحرب التي يشنها إنسان هذا العصر ضد الطبيعة. تعبير مؤكد عن إرادة الموت. أخطر ما في هذه الحرب أنها بلا رصاص ولا قنابل ولا صواريخ. ولا حتي قنابل نووية. بل إنها ليست حرب مقاتلين ضد مقاتلين. لكن نتائجها علي الجنس البشري مدمرة تماما. وهي أشد الحروب امكانية لافناء الجنس البشري كله. فلا منتصر ولا مهزوم. الإنسان يحارب الطبيعة. ويحارب نفسه بالتالي. أليس جزءا من العالم الذي نعيش فيه. فتتحقق له انتصارات متوالية هي - في المحصلة النهائية - انكسارات بشعة. وتعجيل بنهاية الحياة من فوق كوكب الأرض.
معادلة صعبة التصديق. لكنها صحيحة!
الغلاف الجوي متصل. والبحار مفتوحة. وحواجز الحدود لن تمنع التلوث من الانتقال بين بلد وآخر. ورغم المحاولات التي بذلتها دول العالم التي لم يكن قد دخلها الإيدز لمنع تسلله إليها. فإنه لا توجد حتي الآن دولة واحدة تخلو من طاعون العصر. وهذا مجرد مثال.
العالم قرية صغيرة. تعبير ألفنا سماعه. وربما ترديده. لكنه تعبير صحيح تماما. فلا دولة تستطيع الحياة بعيدا عن حركة العالم. تأخذ وتعطي. وتصدر وتستورد. ويدخل إليها الناس ويخرجون. حتي إذا افلحت دولة ما في عزل نفسها عن العالم - وهو تصور صعب - فإنها قد تملك ذلك التصرف في حدودها الأرضية. لكن: ماذا عن البحار والأنهار والغلاف الجوي؟
تكرر تحذير العلماء بأن التلوث الحالي لبيئة العالم. سيجعل الأرض عاجزة عن انتاج ما يكفي من غذاء للبشرية. ولا شك أن الدول الصناعية هي أشد الدول تسببا في التلوث. بحيث يجب أن تعين العالم الثالث في الحد من آثار التلوث البيئي في أراضيه. بل إن 99 عالما من الحاصلين علي جائزة نوبل يرون أن الخطر ليس بعيدا. لكنه أقرب مما يظن. فلن تمضي بضعة عقود حتي تصبح المجاعة ظاهرة عالمية. لأن الأرض لن تستطيع إطعام بنيها.
التقدم العلمي هو بيجماليون الذي صنعه الإنسان. السيارات والطائرات والمصانع والمداخن والنفايات والمخلفات والمبيدات الحشرية والمبيدات الفطرية ومبيدات الأعشاب والأصباغ وأدوات التجميل وغيرها. إنها تتراكم في البيئة المحيطة بنا. بغلاف الأرض. علي هيئة مواد صلبة وسائل وغازية.. ولا حل! العلم هو المسئول عن التلوث البيئي الذي يحيق بهذا العالم. والعلم هو المسئول عن إيقاف هذا التلوث. ودرء أخطاره.
كان المصري القديم يدافع عن نفسه عقب وفاته - أمام محكمة أوزوريس - بأنه لم يلوث مياه النيل. ولا أضر بالبيئة. يعتبر ذلك النفي سبيلا لفراره من عقاب المحكمة. فلا تسلمه إلي الآلهة ماعت. تلتهمه. وتحرمه من الخلود.