مؤمن الهباء
شهادة -مركز تجنيد الدواعش
أتمني من كل المهتمين بمستقبل مصر والغيورين علي هذا البلد أن يعودوا لقراءة ودراسة وتحليل ما جاء في التحقيق الصحفي الفريد والخطير الذي نشرته "الشروق" للزميل محمد خيال يوم الأربعاء الماضي تحت عنوان "هنا طرة.. مركز حكومي لتجنيد الدواعش".. ويرصد فيه أساليب ووسائل تجنيد تنظيم داعش للشباب في سجن استقبال طره وسجن العقرب.
وقد انتظرت أسبوعا كاملا - من الأربعاء للأربعاء - أملا في صدور رد أو توضيح أو تعقيب من الجهات المسئولة والمختصة حول هذه القضية لكن لم يصدر شيء.. لذلك آثرت أن أنبه هنا لأهمية ما تضمنه التحقيق.. وما يمكن أن يحمله من انعكاسات علي مستقبل أبنائنا في مصر.
يتضمن التحقيق شهادات عدد من المسجونين الذين شاهدوا بعيونهم كيف يتم تجنيد الشباب داخل عنابر السجن.. خاصة إذا كانت معلوماتهم الدينية سطحية أو سماعية.. فقيادات داعش تتقرب إليهم بتفسيرات ومفاهيم غريبة للدين.. وتبهرهم بمعلومات مغلوطة.. حتي يقع الشباب في الفخ.. وتتكون الخلايا تحت سمع وبصر المسئولين عن السجن.. وتعلو الهتافات الجماعية بعد منتصف الليل لمبايعة خليفة تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي.. ومن بين الأناشيد التي يرددونها: "الآن الآن.. بالسيف وبالقرآن.. نقول لخليفتنا قولا ندرك معناه.. لو خضت بنا يا أبا بكر بحر الموت لخضناه".
يقول أحد الشهود: "للأسف اعضاء التنظيم داخل السجون يجيدون التلاعب بالنصوص سواء الأحاديث أو القرآن.. في وقت معظم الشباب الصغير فيه ثقافتهم الدينية ضئيلة جدا أو أنها سماعية في الأساس.. في ظل إدارة تمنع دخول أي من المشايخ وعلماء الدين الوسطيين للرد علي ما يروجه أعضاء التنظيم بين السجناء.. أو حتي من باب الثقافة الدينية لهؤلاء الشباب الصغير الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و23 عاما.
أما عن تعامل اعضاء التنظيم مع إدارة السجن وزملائهم السجناء فيقول الشاهد: "يرفضون أكل التعيين وكذلك يمتنعون عن أكل الزيارات التي يحضرها أهالي زملائهم ممن لا ينتمون للتنظيم.. لكون هؤلاء من وجهة نظرهم مرتدين ولا يجوز أكل طعامهم.. بل إن بعضهم لا يأكل من الطعام الذي ترسله أسرته نظرا لأنه يكفرهم.. وهم ينادون الضباط والجنود داخل السجن بالمرتدين.. ويرون النظام الحالي "طاغوتا" في حين يرون محمد مرسي والإخوان مرتدين.. أحدهم كان ينادي علي فرد أمن بالسجن بــ "ياصول يا مرتد شغل الكهرباء في العنبر.. معظمهم مستواهم المادي جيد.. وغالبيتهم طلبة في كليات مرموقة مثل الهندسة والطب.
من سجن العقرب يقول شاهد خرج حديثا ورفض كشف هويته إنه نظرا للظروف المعيشية الصعبة داخل السجن فإن معدل انضمام الشباب صغير السن للتنظيم أسرع.. حيث يرون أن تنظيم داعش - أو تنظيم الدولة الإسلامية - هو البطل المخلص الذي سيأتي ليحطم أسوار السجن ويخرجهم منه لفقدانهم الأمل لخروجهم منه بشكل قانوني.. الخلافات مشتعلة بين اعضاء الاخوان وأفراد داعش.. للحد الذي يصل في كثير من الأحيان إلي الاشتباك بينهم.. والأخطر في السماح بخلط اعضاء تنظيم الدولة وهم معروفون بين السجناء.. حيث يتيح أمامهم الفرصة لضم اعضاء جدد.
الايجابية الوحيدة في ذلك المشهد القاتم ينقلها السجين السابق وتتمثل في دور بعض قيادات الجماعة الاسلامية الذين كانوا طيلة الوقت يحاولون عرض تجربتهم السابقة مع استخدام العنف.. داعين الشباب الصغار إلي عدم تكرارها لما كان لها من أخطاء كثيرة معظمها أخطاء شرعية ودينية.
وينقل التحقيق عن الدكتور ناجح إبراهيم الخبير في شئون الحركات الاسلامية وأحد قادة المراجعات الفكرية للجماعة الاسلامية بالسجون أن احد أسباب نجاح مراجعات الجماعة الاسلامية كان يتمثل في اللواء أحمد رأفت من جهاز أمن الدولة وقتها.. الذي درس نفسية السجناء جيدا.. فأزال جميع العوائق خلال الزيارات أمام ذويهم.. وتعامل معهم بشكل إنساني فبدأوا بقبول فكرة الاستماع بعد أن كانوا يشعرون بأنهم محطمون ومستقبلهم مدمر.
هل يمكن أن تنجح فكرة المراجعات مرة أخري؟