عزت السعدنى
الفنان متقلب المزاج.. لكنه طيب القلب!
على النت ومواقع التواصل الاجتماعى.. فاجأنى ابني كريم ـ السنة النهائية في قسم الصحافة بجامعة الأهرام الكندية ــ بخبر تحذيرى يقول لكل نساء الأرض: خمسة رجال ابتعدي عنهم.. وطبعا عند اختيار زوج المستقبل:
١ - متقلب المزاج
٢ - البخيل
٣ - زائغ البصر للنساء طبعا..
4 - العفيف
5 - الصامت!
سألته: وأنت يا فتي الفتيان من أى نوع من بين هؤلاء؟
قال ضاحكا: لسه بدرى عليّا عشان أدخل في هذا التصنيف الرجالي.. أنا لسه في مرحلة الصبا واللعب والشقاوة والشباب والمرح خلينا بعيد شوية عن سيرة الستات.. لسه بدرى يا بابا على الهم ده!
قلت له: والله عندك حق.. لسه بدري على هم الستات.. بكره ياما يابني تشوف!
ولكن عندما عدت إلى مكتبي رحت أفكر في هؤلاء الخمسة من جنس الرجال الذين يحذرون جنس الحريم منهم.. ويقولون لهن: خدوا بالكوا إلا الخمسة دول؟
ونبدأ بالأول: متقلب المزاج..
وكأننى وجدت نفسي.. فإن أى إنسان يعمل في مجال الإبداع والخلق والفن بصوره المتعددة.. رساما كان أو ممثلا أو مخرجا سينمائيا.. أو كاتبا مثلي عشق مهنة القلم وأصبحت مهنته وطريقه في الحياة..
والمبدع عموما. هو الإنسان الذي يصنع بخياله وخيالاته نماذج فنية خارقة للعادة.. لأنه يريد بإبداعه هذا كاتبا كان أو أديبا أو قصاصا أو حتى شاعرا أو رساما أن يعيش حالة من القلق والتوتر والانفتاح الدائم.. وكأنه في عالم آخر.. غير العالم الذي نعيشه.. أو ربما نزل إلى الناس في الأرض.. في كوكب المريخ أو كوكب زحل.. ليصلح حال الأرض ومن عليها.. فهو هنا المصلح الاجتماعى أو القائد لكتيبة من المصلحين والمبشرين لفكر جديد أو نظرية فلسفية لم يسمع عنها أحد..
فالمبدع هنا هو إنسان غير طبيعى.. يستلهم الوحى ويصعد بفكره وعقيدته إلى السماوات العلي في الفن والأدب والفلسفة والحياة لكل ما فيها إن خيرا مرة أو شرا مرة.. والمبدع أو الخلاق هنا ليس إنسانا عاديا.. ولكنه يستلهم من عالم آخر فنه وكتابة وقصيدة شعره ولوحته الفنية.. فهو هنا إنسان غير عادي يقدم عصارة فكره وشطحات خياله وثاقب نظره ورفيع أحاسيسه المرهفة التي لا يفهمها إلا هو ولا يعيشها إلا هو.. ولا يخرجها إلي الحياة إلي النور.. في مختلف شئون الحياة.. كتابا أو نصا أدبيا أو قصيدة شعر أو قصة طويلة أو مجموعة قصص قصيرة.. أو فيلما عظيما يخرجه هو.. أو حتى يصوره بكاميرات أحاسيسه المرهفة التي لا يقدر عليها.. ولا يملكها إلا فنان عظيم نزل إلى الأرض في صورة رسام أو شاعر مرهف الحس.. عظيم الكلمات والشطحات أو قصاص ملهم أو كاتب عظيم أو مخرج سينمائى من جيل جهابذة أهل الفن الذين لا يتكررون في حياتنا إلا مرات تعد على أصابع اليد الواحدة!
ولقد عرفت هذا النوع وعاصرته وعشت معه سنوات عمرى كلها. نوع متقلب المزاج.. وأعنى به الفنان الملهم كاتبا صحفيا كان.. مثلي أنا. أو مخرجا سينمائيا مبدعا.. مثل صديقي العزيز حسن الإمام الملقب بمخرج الروائع.. وقد كان في حياته وفي فنه قمة في تقلب المزاج.. قمة في الانفعال.. قمة في اتخاذ القرارات.. قمة في الزعل في أقرب الناس لديه.. وبعدها بقليل وفي نفس اليوم.. وربما في نفس المشهد.. يعود إلى طبيعته المرحة.. وتعود إلى وجهه ابتسامته التقليدية.. وكأن شيئا لم يكن.
وإذا سأله أحد: حبيبى انت كنت ليه زعلان قوي ومتنرفز قوي جدا؟
يفاجئك بقوله: أنا موش معقول.. أنا عملت كده!
يعنى هذا الفنان الكبير ما هو في النهاية إلا طفل ولكن كبير حبتين.. ينسي بسرعة غضبه ونرفزته.. ويبتسم من جديد.. وكأن شيئا لم يكن.. ولكنه سرعان ما يكرر المشهد والنرفزة والخروج عن النص..
هكذا الفنان في كل زمان وفي كل مكان.. من ترضي به.. أهلا وسهلا.. فهو ظريف جدا.. عندما يهدأ.. لفيف ودود وكريم إلي أبعد حدود الكرم..
من ترضى بهذا الإنسان من ستات حواء.. فهى على طريق السعادة.. لو فهمته حقا؟
كلمات عاشت:
«ما الحب.. إلا للحبيب الأول!». الموسيقار محمد عبدالوهاب