الجمهورية
سمير عبد اللطيف
الكاميرا الخفية!
عشقنا جميعاً السيرك تعلقت قلوبنا وأبصارنا وبكل الأعمار بفنونه وعروضه المختلفة والتي تتسم بالجمال والفن والرقي الرياضة والابهار اللياقة البدنية العالية الجرأة والشجاعة نشاهد تلك الفنون في عروض حية حقيقية أو من خلال بعض اللقطات أو المشاهد السريعة علي شاشات السينما والتليفزيون أما أحوالنا وشوارعنا في المدن المختلفة طول البلاد وعرضها فالسيرك فيها له شكل ومعني ومذاق خاص به فهو يعني الفهلوة والبلطجة التحدي واللامبالاة البلادة والاعتداء علي حرية وحقوق الآخرين والتي نادت بها الشرائع السماوية فلنصاحب الكاميرا الخفية في رحلتها وهي تسجل بعض اللقطات ومن المشاهد المعتادة طوال الليل والنهار فوق كباري المحروسة أيضاً أسفلها الغرز والمقاهي وفاترينات سندوتشات اللحوم الفاسدة وغيرها من مأكولات أيضاً غلايات الماء الساخن لزوم الشاي والقهوة كراسي متراصة ودخان الشيشة المتصاعد إضاءة ومصابيح مبهرة وأسلاك ممتدة تخرج في تحد من أعمدة الإضاءة الرئيسية ومسجل صوت تنساب منه في صوت مرتفع بعض آيات الذكر الحكيم في مشهد عجيب متناقض وبمناسبة النهر الخالد الذي تغني الموسيقار محمد عبدالوهاب قائلاً من كلمات الشاعر المبدع محمود حسن إسماعيل شابت علي أرضه الليالي وضيعت عمرها الجبال والناس في حبه سكاري هاموا علي أفقه الرحيب آه علي سرك الرهيب هنا السؤال هل لا يزال النيل محتفظاً بسره وخلوده أم أنه يئن ويصرخ من أفعالنا وسلوكنا بعد أن تحول إلي مقلباً للصرف الصحي والقمامة والتلوث بكل أنواعه ثم تصحبنا الكاميرا إلي القاهرة القديمة وبالتحديد منطقة مجري العيون وياللهول علي رأي عميد المسرح يوسف بك وهي لوحة عبثية تحوي أطناناً من القمامة والركام والمخلفات بكل الأنواع تفوح منها الروائح الكريهة هذا المشهد يتكرر بجوار المدارس والمستشفيات ودور العبادة بل المصالح الحكومية الحيوية والمهمة إلي جانب العبارات البذيئة والتي لا تزال فوق الجدران تهاجم رموز الدولة رصدت الكاميرا التعديات علي الأراضي الزراعية آلاف الأفدنة تم البناء عليها في وضح النهار وجنح الظلام ارتفعت الأبراج السكنية الشاهقة فوق أراضي الدولة في تحد صارخ أما الدراجات البخارية والموتوسيكلات بكل الأشكال والألوان وبدون أرقام فهي لا تزال تجوب شوارع وأحياء مصر بكل البلطجة والتي كانت من أسباب معظم حوادث الارهاب وسفك وإراقة دماء الأبرياء من أجناد الأرض في جيشنا الباسل والشرطة المخلصة الشجاعة أما الأفراح المقامة في شوارع وأحياء القاهرة والمدن وسط المناطق الأهلة بالسكان فحدث ولا حرج قطع طريق وشارع أجهزة صوت تنطلق منها الموسيقي والأغاني الصاخبة الهابطة وسحب الدخان بكل أنواعه وألوانه ترتفع في أجواء المكان يستمر الحال حتي الساعات الأولي من الصباح وتصاب المنطقة بالشلل التام دون احترام لمريض أو طالب يستذكر أو عجوز مريض ينشد الراحة قطعت الكاميرا الخفية رحلتها داخل أحد القطارات المتجهة إلي صعيد مصر فالصورة منفرة مهتزة الكراسي متهالكة والأتربة تعلوا النوافذ أما حمامات القطار فهي غاية في القبح الروائح النفاذة الحشرات والمياه الملوثة تغطي الأرضيات النوافذ محطمة استرجعت الكاميرا شريط الصور في مشهد فلاش باك بلغة السينما توقفت عند صورة زوج ينتظر خارج دورة مياه أحد قطارات الصعيد زوجته بالداخل طال انتظاره طرقات عنيفة فوق الباب ولا مجيب تجمع الركاب وسط النداءات والأصوات حطموا الباب وكانت المفاجأة المروعة لقد سقطت الزوجة من أرضية الحمام المتهالك لتستقر بين القطبين عادت الكاميرا مسرعة من حيث أتت عبر الطريق البري لكنها توقفت أمام أحد الحوادث المرورية المروعة نتيجة السرعة الفائقة والمخدرات والاستهتار سيارات محطمة أشلاء علي الأرض ودماء تسيل أنين وبكاء وصراخ أصاب الكاميرا الخفية الاعياء من فرط المشاهد الصادمة في شوارع وطرق مصر المختلفة في مدارسنا ومستشفياتنا أيضاً دلفت مسرعة إلي أحد دور العرض السينمائي لمشاهدة أحد الأفلام فهي تعشق الفن وتكون في أحسن حالاتها عند تصوير أو مشاهدة فيلم سينمائي تري أن الفن هو الحق والخير والجمال وذاكرة الأمم والشعوب دقائق وتخرج مضطربة مسرعة بحثت عن دار سينما أخري تكرر المشهد في العديد من دور العرض فالأفلام في معظمها رقص هيستيري موضوعات ساذجة عنف ودماء وخناقات إسفاف وحوار هابط وبعد رحلة العناء والإرهاق والمشقة أغلقت الكاميرا الخفية عدستها توقفت عن التصوير والتسجيل ولا يزال شريط الصور داخلها محتفظاً بمشاهد رائعة في أعمال سينمائية خالدة راقية من زمن الفن الجميل تحمل أسماء فاتن حمامة وشادية وماجدة وسعاد حسني ومريم فخرالدين وصباح أيضاً وصور تسجل لحظات فارقة في تاريخ هذا البلد العظيم. كل الدعاء والأمنيات الطيبة لابن مصر البار عاشق الوطن والأرض والإنسان الرئيس عبدالفتاح السيسي ولأبنائنا الأبطال البواسل في الشرطة والجيش.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف