فى مثل هذا اليوم من كل عام، تحتفل مصر باسترداد قطعة غالية من أرضها.. سيناء مهد الرسالات، التى كلم الله من عليها سيدنا موسى، فتميزت بمكانتها الجيوسياسية التى جعلتها مطمعا للغزاة على مدى سنين عدة.
الخامس والعشرون من شهر أبريل هو اليوم الذى استردت فيه مصر أرض سيناء بعد انسحاب آخر جندى إسرائيلى منها، وفقا لمعاهدة كامب ديفيد. وفيه تم استرداد كامل أرض سيناء ما عدا مدينة طابا التى استردت لاحقا بالتحكيم الدولى فى 15 مارس 1989م.
نعم.. استرددنا الأرض، لكن أيدى الإرهابيين مازالت تحاول العبث فى أمنها؛ ومن ثم كان لابد من التنمية الحقيقية التى سمعنا عنها أقوالا، ولم نر أفعالا فى عهود سابقة.
لكن ها هو الحلم يتحقق بعد أن وعد به الرئيس السيسى، وتم تدشين سحارة سرابيوم التى ستكون مفاجأة المصريين فى أعياد تحرير سيناء، ومشروعات تنموية كثيرة سيتم الإعلان عنها.. وعمار ياسينا.
أكد اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أنه ستفتتح المرحلة الثانية لمشروع السحارة سرابيوم تزامنا مع أعياد تحرير سيناء، وذلك لتوفير المياه لاستصلاح 70 ألف فدان فى سيناء، والاستفادة منها فى زيادة المساحات المستصلحة فى سيناء إلى 100 ألف فدان كمرحلة ثانية من إجمالى مساحات المشروع البالغة 420 ألف فدان لحل أزمة مياه الرى بتلك المناطق، وسيوفر المشروع نحو 52 ألف متر مكعب فى الثانية من مياه الرى.. وأضاف الوزير أن أعمال تنفيذ السحارة بدأت فى شهر أكتوبر من عام 2014 تزامناً مع أعمال حفر المجرى الجديد بقناة السويس فى أغسطس 2014.
• سرابيوم.. حلم سيناء
تحدثت مع اللواء مهندس محمد طنطاوى - الخبير العسكرى، فقال لي: إن مشروع سحارة سرابيوم لا يقل أهمية عن مشروع قناة السويس الجديدة، فهو عبارة عن إنشاء سحارة أسفل القناة الجديدة لتنقل مياه النيل لسيناء لرى نحو 70 ألف فدان، منهما 30 ألفا فى منطقة شرق البحيرات و40 ألف فدان شرق السويس على ترعة الشيخ زايد.
وأكد أن السحارة تعد أكبر مشروع مائى أسفل قناة السويس الجديدة بتكلفة تقترب من 200 مليون جنيه وتهدف لنقل المياه من شرق القناة القديمة إلى شرق القناة الجديدة لتكون أحد شريانين رئيسيين ينقلان المياه لسيناء مع ترعة السلام.. وما يجدر ذكره أن السحارة الجديدة تتكون من 4 بيارات ضخمة لاستقبال ودفع المياه حيث يبلغ عمق البيارة الواحدة 60 مترا، وقطرها الداخلى 18 مترا، مع 4 أنفاق أفقية طول النفق الواحد 420 مترا محفورة تحت القناة الجديدة، قطر النفق 4 أمتار، وعمقه 54 مترا تحت منسوب سطح المياه، وأسفل قاع القناة الجديدة بعمق 16 مترا تحسباً لأى توسعة أو تعميق مستقبلاً.
وأشار إلى أن العمل بدأ فى السحارة فى سبتمبر 2014، وأن المدة لمثل تلك المشاريع لا تقل عن 3 سنوات، إلا أنه تم ضغط المدة الزمنية لتقترب من 18 شهراً.
كما تم عمل سحارة طوارئ تعمل بدفع المياه من خلال مضخات لتوفير التصرف اللازم للرى والشرب للزمامات المقررة، وتم تنفيذ خطين عائمين من خطوط طرد الشفاطات العملاقة التى تعمل فى حفر قناة السويس، ودخلت الخطوط الخدمة بداية من 21 يونيو وانتهت كلها نهاية يوليو الماضى..
وأكد أن القوات المسلحة وعدت فأوفت بوعدها، حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى فى موعدها، وعند اكتمال المراحل الثلاث للمشروع سوف يتم ضخ المياه لشرق القناة ولسيناء للاستفادة من هذه المياه بالإضافة إلى مصرف المحسمة، وبالتالى سوف يتم زراعة أكبر مساحة شرق القناة وحل نهائى لمشاكل المياه فى قرى الخريجين مثل قرية التقدم والأمل التى تعانى من مشاكل فى مياه الرى.. وستهدف لنقل المياه من شرق القناة القديمة إلى شرق القناة الجديدة لتكون أحد شريانين رئيسيين ينقلان المياه لسيناء مع ترعة السلام.
• التنمية الزراعية
من ناحية أخرى، قال الدكتور محمد عبدالعاطى - وزير الري: إن الدولة تسعى لتعمير سيناء وضخ الاستثمارات بها خلال الوقت الراهن، من أجل خلق مجتمع تنموى حقيقى فى تلك البقعة الغالية من أرض مصر.. فتعمير سيناء يكون بالأفعال لا بالأقوال، والفترة المقبلة سوف تشهد تنمية حقيقية فى أرض سيناء، من أجل خلق مجتمع عمرانى متكامل، نستطيع من خلاله خلق بيئة حقيقية للتنمية والاستثمار».. كما ستبدأ وزارة الموارد المائية والرى بإطلاق تجارب إطلاق المياه من سحارة سرابيوم أسفل قناة السويس، بتكلفة 180 مليون جنيه، كتشغيل تجريبى لعبور مياه الرى من الدلتا لرى الأراضى الزراعية بشرق القناة فى سيناء لحل مشاكل المياه والوفاء باحتياجات المزارعين والمنتفعين لمساحة 100 ألف فدان، وربط محورى التنمية بين سيناء والدلتا ووادى النيل.. وأكد وزير الرى أن مشروع سحارة قناة السويس الجديدة، تصل تكلفته إلى 200 مليون جنيه، ويتم تنفيذه بمعرفة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
• حماية الوطن
ومن جانبه، قال اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء: إن التنمية الشاملة فى أرض الفيروز هى السياج الحقيقى لحماية الوطن والمواطن، موضحًا أن الإرادة السياسية تدعم كل خطوات الإصلاح والتغيير والمضى نحو المستقبل بقوة وانطلاق، فالتعمير لا يقل أهمية عن المواجهات الأمنية فى التصدى للعمليات الإرهابية التى تريد خلق مناخ من عدم الاستقرار، مضيفا أنه سوف يتم تسليم 4 آلاف وحدة سكنية توزع على محدودى الدخل خلال الاحتفالات بأعياد التحرير، موضحا أنه لا إهمال أو تهميش للطبقات الفقيرة.. وأوضح خالد فودة أن الاهتمام بإقامة مطارات وموانئ جديدة يأتى بهدف توفير المزيد من فرص العمل وخدمة الحركة السياحية، وتعزيز وتنمية التبادل التجارى بين الدول العربية.. وقال: إن الطرق من أهم شرايين الحياة والتنمية، التى بلغت تكلفة تطويرها 2 مليار جنيه تمثلت فى التوسعات ورفع الكفاءة وإزالة مخلفات السيول، مؤكدا أن حل مشاكل المستثمرين تأتى ضمن أولويات الدولة، وتتم دراسة جميع المقترحات والآراء لتلافى أى أخطاء بما لا يتعارض مع الأمن القومى المصرى.
وأضاف محافظ جنوب سيناء أن لديه خطة طموحة لن تتوقف للنهوض بمدن جنوب سيناء وتطويرها لتنافس المدن العالمية، مشيرا إلى أن المحافظة ستشهد خلال الاحتفال بأعياد تحرير سيناء افتتاح مشروعات خدمية وتنموية بمدنها وتجمعاتها البدوية كافة، وتصل تكلفة تلك المشروعات أكثر من مليار جنيه بالقطاعات كافة، سواء إسكان أو صرف صحى وتعليم وزراعة وطرق وتنمية القرى والتجمعات البدوية، وكذلك أعمال تجميلية بالمدن كافة، ولذلك نحتفل بذكرى تحرير سيناء تلك البقعة الغالية على كل مصرى، والتى دفعنا الثمن غاليا فى استردادها دون التفريط أو التنازل عن ذرة من رمالها ومازلنا حتى هذه اللحظة نقدم المزيد من التضحيات والدماء الطاهرة للحفاظ عليها.•