بوابة الشروق
حسن المستكاوى
تحرير الرياضة من أصنامها
**
أوقف الفيفا العديد من الدول أو الاتحادات الوطنية، مثل كينيا، وإندونيسيا، والكويت، والهند، وتفاوتت فترات الإيقاف حسب معالجة ما يسمى بالتدخل الحكومى.. ومعلوم أن اللجنة الأوليمبية الدولية جمدت النشاط الرياضى كله فى الكويت بسبب التدخل الحكومى.
**
إن خطاب الفيفا الأخير الذى يحمل تهديدا صريحا بإيقاف نشاط الكرة المصرية ليس مزحة. ولكنه أمر مؤسف أن يأتى بعد تصريحات خرجت من اتحاد الكرة تؤكد عدم اللجوء للاتحاد الدولى كى لا تقحم الكرة المصرية فى مشكلة.. فمن الواضح أن الإقحام وقع عمدا بخطاب مرسل من الاتحاد فيه بلاغ بقيام أشخاص باللجوء للقضاء. وهكذا توضع كرة القدم فى مصر بين خيارين. الأول الرضوخ للسلطة الدولية. والثانى تنفيذ ما تقره السلطة القضائية المصرية..

**
كنت طوال ممارستى للمهنة، ومازلت، كارها للوائح التى تنظم العمل الرياضى، لأن الرياضة عندى أبسط من كل التعقيدات التى نمارسها.. فلا أفترض مخالفة الإجراءات عمدا، ولا أفترض بالطبع وقوع التزوير، فلماذا يفسح المجال للكذب، والخداع، من أجل منصب تطوعى عام ؟

**
تؤسفنى دائما شخصنة الأمور واللوائح.. فهى صنعت من قبل لاستجلاب أشخاص ثم صيغت لاستبعاد نفس الأشخاص. ثم اخترعت مواد للتخلص من أشخاص. فالرياضة تدور فى فلك أشخاص، لدرجة أن بند الثمانى سنوات يتعامل معه الجميع على أنه أهم بنود قانون الرياضة الجديد، مع أن فى القانون مواد تستحق دراسات ونقاشا أكبر وأهم لأنها تتعلق بمستقبل الرياضة كلها، وبالمصلحة العامة، بينما بند السنوات الثمانى يبدو معالجة شخصية.. وكذلك هناك ما هو أسوأ من ذلك مثل أن تطرح قضية عودة الرياضة للمدارس كحل عملى وعلمى لصناعة القاعدة وهو أمر مستحيل. وأكرر أن قاعدة الرياضة فى مصر تصنعها الأندية على إطلاقها، ومراكز الشباب، ومراكز المواهب.. ومن يتحدث عن عودة الرياضة للمدارس لا يعرف أن بناء مدارس بها ملاعب شاسعة يحتاج إلى مليارات، وأن المدارس الحالية وهى بالآلاف لا يوجد بها ثقب لممارسة الرياضة. وهؤلاء الذين يرفعون شعار الرياضة فى المدارس لا يذهبون إلى الأندية، ولا يرون ما يتحمله الأب والأم من أجل ممارسة الأبناء للرياضة.. وهؤلاء لا يعلمون ايضا أن مصر فى أشد الحاجة إلى ألف نادٍ، وبالمناسبة ألمانيا بها 95 ألف نادٍ، بينما مصر كلها لا يوجد لديها الألف..

**
الدستور يكفل حق الممارسة الرياضية، وفى قانون الرياضة الجديد ما يحفظ هذا الحق وينظمه أيضا، حسب المادة 79 من الباب السادس بشأن الممارسة الرياضية العامة..
**
آن الأوان لإسقاط أصنام الحركة الرياضية المصرية. آن الأوان للحلول العلمية والاستراتيجيات الحقيقية، بعيدا عن شعارات: «عودة الرياضة للمدارس» فهى لن تعود ولا يمكن أن تعود».. إذا كان المقصود بذلك صناعة قاعدة للمواهب، لكن الرياضة يجب أن تعود للمدارس كمادة ترسخ أهمية هذا النشاط الإنسانى.. بشرط بعيدا عن شعار: «الجسم السليم فى العقل السليم» فهذا غير صحيح، ولم يكن صحيحا أبدا.. أو شعار: «ابتسم عند الهزيمة».. الذى يطلق بهدف ساذج وهو تعزيز الروح الرياضية، وهذا أسفر عن أن بعضنا مات من الضحك.
**
آن الأوان لأن تتحرر الرياضة من تلك الشعارات البليدة غير العلمية، ومن تلك الأصنام التى تحركها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف