الأهرام
جمال زهران
التغيير.. والصمود مع السيسى
الهتافات المطالبة بإسقاط النظام هى هتافات محدودة، وقيلت بصوت خافض من قلة تحت شعار (الشعب يريد إسقاط النظام)
على عكس عندما قيلت يوم 28يناير فى الميادين كلها، وتم تعليق المطالب فى ميدان التحرير ومازلت أحتفظ بها حتى الآن، وسجلتها فى دراسة علمية موثقة، حيث كانت الحناجر ترج الميادين رجا.. وفى ميدان التحرير على وجه الخصوص.

إذن لا مقارنة بين اللحظة الحالية واللحظة السابقة.. فهناك فرق بالتأكيد. وقد يكون الاختلاف فى زوايا الرؤية لا أكثر، كما أن شعار: «يسقط حكم العسكر»، أيضا هو شعار محدود الآن مثلما كان من قبل، بعد 25يناير2011، لأن الجيش المصرى محل اجماع وطنى، وليس هو «العسكر» اللفظ الذى يطلق على «المرتزقة» المستأجرين لأداء وظيفة عسكرية، أخلص إذن إلى أن فكرة «الإسقاط» سواء للنظام بالذات، أو لأى شىء آخر، ليست محل اجماع، بل هى تعبير عن أصوات محدودة، وغير مؤثرة، وقد ظهر ذلك فى مظاهرة جمعة 15ابريل التى كانت مفاجأة، وهى جمعة الأرض، والمتسبب فيها، هى الحكومة وسياساتها سواء فى إدارة ملف الجزيرتين أو غيره وهنا كان واجبا وطنيا على الإعلام ألا يضخم من فكرة «الإسقاط»، فيزيد من غضب السلطة على المتظاهرين، وهم محدودون، كما أنه يساعد فى إبلاغ الرسالة للخارج بأن النظام الحالى مطلوب إسقاطه!! كما أنه يساعد على انتشاره، وترسيخه فى أذهان الناس، بينما هؤلاء غير مهتمين بذلك نهائيا.

وذكرت فى مقال الأسبوع الماضى، أن مظاهرات «جمعة الأرض» فى 15ابريل كشفت الغطاء عن حجم الغضب الشعبى لأسباب عديدة، ولكن الشعب، وأنا معهم صابرون على الرئيس السيسى، وصامدون معه حتى النهاية إذن الشعب، حسب تقديرى ومعايشاتى اليومية مع المواطنين من الطبقة الوسطى والفقراء، لايزال مع السيسى، صامدا معه.

ـ إذن ما هى المشكلة؟ وما المطلوب؟

المشكلة تكمن فى أن ثورتين قام بهما الشعب المصرى فى 25يناير، 30يونيو، وعنهما قال السيسى إن الأولى هى إرادة شعب فى التغيير، والثانية هى إصرار على استكمال إرادة التغيير بعد ما حاول فصيل هم الإخوان الارهابيون السطو على ثورة الشعب والاستئثار بها وضد إرادة الشعب... ومن ثم فإن الشعب لا يريد من الرئيس السيسى الذى اختاره بإرادته وبأغلبية كاسحة، وغير مسبوقة إلا تحقيق «التغيير» لا مجرد الإصلاح أو الترقيع على نظام المفروض أنه سقط، وللأبد وهو نظام مبارك ونظام الإخوان ذلك الوجه الآخر لمبارك، وهم أى الشعب يتحمل فوق طاقته، وصابر على السيسى، وحتى من معه.. لأن بحسه الطبيعى والفطرى يدرك حجم المخاطر التى تحيط بمصر، وحجم التحديات التى تواجه نظام السيسى، كما أنه يدرك حجم المؤامرات التى تحاك ضد الدولة المصرية والشعب المصرى، ولكنه فى الوقت نفسه يريد أن يرى تغييرا حقيقيا يتفق مع مطالبه وطموحاته فى الثورتين، وإلا ضاق ذرعا وتصرف تصرفا آخر نحن جميعا لا نريده، لأننا نعرف وندرك مخاطره هذه المرة.

فالصبر يا سيادة الرئيس، والصمود معك من غالبية قطاعات الشعب تطالبك بسياسات جديدة، وبأشخاص جدد، وبأفكار غير تقليدية، ولا يطيقون نهائيا وجود رموز من نظام مبارك فى المشهد، ولا فى مواقع السلطة، ولا يستحضرون لشهادة فى موضوع كالجزيرتين، لأنهم جميعا، وبلا استثناء قد وجه الشعب لهم تهمة «الفساد السياسى» ولذلك فقد أسقط نظامهم.

فليس معقولا أن يسقط رأس النظام، وهو مبارك المخلوع، ليظل جسد نظامه يخيم!! فهؤلاء يا سيادة الرئىس لو كان فيهم خيرا وعملوا للشعب فعليا، ما كانت ثورة قد اندلعت.

كذلك يا سيادة الرئيس، فإن اطلاق سراح المتأسلمين من جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية، وتحالف دعم الشرعية، وحزب البناء والتنمية، والاستقلال وحزب الوسط، واطلاق يد هؤلاء فى وسائل الإعلام واجراء أحاديث معهم تشير إلى مصالحات مع الإخوان مع استمرار حزبى النور ومصر القوية، وغيرهما من التيارات المتأسلمة دون ردع، مستقوين بسماحكم لهم بالوجود، وكان الشعب يظن أن هؤلاء قد انتهوا تماما!! فمن يحيى هؤلاء مرة أخرى؟! ألم يسقطهم الشعب إذن؟! وهل هى ذات لعبة السادات بعد حرب 1973 لضرب اليساريين.

بالإضافة يا سيادة الرئيس، فإن اختلاف الأزمات وسوء إدارتها، واستمرار سياسات مبارك من قروض البنك الدولى التى وصل الحديث بشأنها إلى 8مليارات دولار، وديون محلية مع ديون خارجية وصلت إلى تريليونى جنيه! على حين كنت قد بدأت بالتمويل الذاتى لقناة السويس ووقف معك الشعب حتى بـ64 مليار جنيه، فلماذا التراجع عن سياسات الاعتماد على الذات والشعب والاستبدال بسياسات التنمية والقروض الأجنبية، وهى لا توجد استقلالا وطنيا، نهائيا؟!

أقول ختاما: أن الشعب صابر.. وصامد معك... ويثق فيك، ولكن المقابل هو تحقيق حلم التغيير الشامل وإسقاط حقيقى لنظامى الإخوان ومبارك.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف