قالت حنيفة لنفسها: سأطاوعه فيما يريد وإلا سيكرهنى. لن يحبنى. ما الذى أملك أن أعطيه له غير ذلك؟. سأعطيه ما يريده!.. إننى لم أشعر بأننى أنثى إلا معه. لم أشعر لنفسى بقيمة إلا فى وجوده.. منحنى السعادة، منحنى الإحساس بالوجود. لذا سأعطيه كل ما يريده. إن أحداً هنا لا يأبه لى. أبى وأمى يعاملاننى كقدرة الفول!. بل إنهم يهتمون بالقدرة أكثر منى لأنها تعطيهم، أما أنا فلا أعطيهم شيئاً. إننى لا أملك شيئاً أمنحه لهم، أما فهمى فعندى ما أعطيه له وهو يريده.
- فهمى: حنيفة! أريدك.
- حنيفة: إننى ملك يمينك يا فهمى. كل ما تريده سأعطيه لك. إننى لا أملك سوى ما تريده. ليتنى أملك غيره كى أعطيه لك.
- فهمى: وهل ما تملكينه قليل؟! ثم إننى لا أريد غيره.
- حنيفة: ولكنى أريد أن أسألك: هل تريد ذلك بدافع الحب أم بدافع الرغبة؟!.
- فهمى: سيان يا حنيفة!.. الحب رغبة، والرغبة حب. المهم أن تتحقق. أشياء كثيرة كنت أحلم بها ولم تتحقق، لذا فقد اعتدت أن أقتصد فى رغباتى. إننى لا أريد أن أهدى الناس كما يفعل الشيخ طارق، ولا أريد عالماً أفضل كالذى يطلبه مختار فى عالم الجمال المطلق!. إننى فقط أريد أن أعيش!.. لا أسعى إلى تغيير أى شىء مما حولنا. فليبق كل شىء على ما هو عليه. أريد فقط فرصة للحياة. أريد أن أسد جوعى. فهل هذا كثير؟!.
- حنيفة (بعطف): يا حبيبى!.. هل أنت جائع. أشترى لك طعاماً؟!.
- فهمى (ضاحكاً): تفكيرك يا حنيفة لا يتجاوز قدرة الفول!. إننى لا أقصد جوع المعدة!.. هل المعدة فقط هى التى تجوع؟!. إننى أقصد الجوع بمعناه الشامل. كلنا هنا داخل السبيل جوعى. أشباح الجوع تطاردنا أينما نذهب. وأنا فقط أريد أن أعيش. والجوع يمكن أن يقتلنى. إننى لا أطلب طعاماً لذيذاً -لا سمح الله- يؤدى إلى الشبع!، لا إننى فقط أريد الامتلاء. هل تفهمنى؟!. أريد الامتلاء ثم التفريغ!.
- حنيفة: أتمنى أن أفهمك، ولكنى لا أستطيع. كل ما يمكن أن أقوله لك هو أننى أسمع إليك وأعجب جداً بما أسمع.
- مختار: إعجاب بلا فهم؟!.
- حنيفة: إننى أحس بك وهذا هو الأهم. إن عقلى ليس كعقلك. وأنا أفهمك على قدر عقلى. لقد تعودت ذلك من أبى؟!.
- فهمى: عم حنفى؟!.
- حنيفة: نعم!.. مرات كثيرة كنت أراه يستمع إلى أغانى أم كلثوم ويطرب لها، وكنت لا أفهم الكلام الذى تقوله هذه المغنية!. فى مرة سألته: ما معنى هذا الكلام؟، فأجابنى بأنه لا يعرف ولا يفهم كلمات الأغنية، ولكنه يحس!.
- فهمى: والله عم حنفى هذا فيلسوف كبير!.