حسن المستكاوى
ما فعله مدرب الأهلى .. ومايجب أن يفعله مدرب الزمالك !
مارتين يول يلعب كرة جماعية أمامية وماكليش مطالب بخط وسط مهاجم يتقدم
الأهلى سبق اقتراح «الرديف » .. وكان يملك 3 فرق وهى الأحمر والأبيض والأزرق فى العشرينيات من القرن الماضي
فاز الأهلى وفاز الزمالك . ومن يحب صناعة كرة القدم فى مصر يرغب فى استمرار المنافسة بين الفريقين ، ويحلم بدخول
الفرق الأخرى فى دائرة السباق على اللقب . فهذا من مصلحة كل من يعمل بتلك الصناعة بصورة مباشرة أو غير مباشرة .. بجانب فلسفة ممارسة اللعبة أصلا ، فهل نلعب كى نفوز أم نلعب كى لانخسر .. وذلك من أهم أسرار قوة الدورى الإنجليزى الذى يحظى بأعلى نسبة مشاهدة فى العالم ..
مازال الزمالك يعتمد الفردية ، وكان هدف باسم مرسى أجمل مافى مباراة الفريق أمام حرس الحدود . وتتجلى الفردية حين يتسلم اللاعب الكرة . بينما تتجلى الجماعية فى تحركات اللاعبين بدون الكرة. وهكذا ترى كهربا يمسك الكرة فيجرى بها ، ويجرى خلفه زملاؤه . وترى حازم إمام يستلم الكرة فيجرى بالكرة ، قبل أن يقرر لماذا يجرى وماذا يفعل بها ؟ وكم كان غريبا أن يبدأ ماكليش المباراة بثلاثة مدافعين فى الوسط ، وهم معروف يوسف ، وأحمد توفيق ، وطارق حامد . ولم يكن كافيا أن يلعب تحت باسم مرسى كابتن الفريق شيكابالا وكهربا ، خاصة أن الأخير يبدو أقرب إلى رأس حربة شمالى . يزاحم الظهير محمد عادل ، وهو ظهير مبشر بما يملكه من حيوية وسرعات ، ولكنه مثل الظهير الأيمن الطائر السريع المحلق حازم إمام .." هايبر " قليلا ..وكان الزمالك دائما وغالبا ناقص العدد فى المنطقة التى تقع أمام جزاء حرس الحدود باستثناء تحركات فردية وتلقائية من أحمد توفيق وبدت كأنها على مسئولية صاحبها ، وهنا يكون الزمالك فى أشد الحاجة إلى هذا التغيير الذى يجعل الوسط هجوميا أكثر والأداء جماعيا أكثر !
تغير أداء الأهلى مع مارتن يول . فالمدرب الهولندى لابد ان يتأثر بالمدرسة الهولندية وفلسفتها الهجومية الأمامية . فالفريق يلعب الكرة إلى الأمام والعمق . ومن لمسة واحدة أو لمستين . ومن يمرر يتحرك دون إنتظار . وهذا بسرعة أكبر . بجانب الضغط بلاعبين وبثلاثة على الخصم وهو مايفعله منذ تولى يول المهمة . مع تحسن فى التنفيذ تدريجيا . ففى أخر مباراة أمام سموحة سجل الهدف الأول للأهلى عبد الله السعيد من داخل الست ياردات ، وهو أصلا لاعب وسط . ولكن المدرب الهولندى يدفع السعيد إلى الأمام كثيرا وفى ظهره يدفع بالمثل حسام غالى ، فيما ينطلق على الجانبين أربعة لاعبين ، وهم وليد سليمان ، وأحمد فتحى ، فى اليمين . ومؤمن زكريا وصبرى رحيل فى اليسار .. وإختصارا ترى الأهلى مندفعا ومتقدما وفى سياق جماعى .
فى تقييمه لأداء الأهلى أمام سموحة قال أسامة عرابى إن الفريق لم يكن على مستواه فى الشوط الأول وتحسن فى الشوط الثانى . ولايختلف رأى مدرب الاهلى عن رأى الكثير من المحللين والخبراء والمدربين ، حيث تعد النتيجة عنوانا للتقييم بشكل عام .. ويحدث كثيرا أن تتفاوت درجات التقييم وتقترب من درجة إنطباع الجمهور ، وأذكر أن هناك مباريات كثيرة جدا تراوح تقييم الخبراء لمباراة واحدة مدتها 90 دقيقة بين سيئ ، وسيئ جدا ، ومتوسط ، وجيد ، ومتألق ورائع .. وهو تفاوت يثير الدهشة ، ويعكس كيف نشاهد المباريات ، حيث تبدو زوايا المشاهدة شخصية ، فربما أن بعض الذين يحبون المدرب يرون المباريات رائعة ولو تكن كذلك ، والذين لايحبون المدرب يرون كل الانتصارات سهلة ومتوقعة ، والخصم ضعيفا ، والمسألة لاتستحق كل تلك الحفلة ..؟!
والواقع أن الأهلى فى الشوط الأول أمام سموحة ظل مسيطرا ويمتلك الكرة والمبادرة ، حتى حدود منطقة جزاء سموحة . فالمسافات الطولية التى يقطعها خط الوسط دفاعا وهجوما، تسببت فى تأخر المساندات الهجومية فى كثير من الأحيان وكانت تلك نقطة ضعف الشوط الأول .. يضاف إلى ذلك أن هناك فرضية أن أى فريق محل تقييم وإهتمام يلعب وحده مبارياته ، دون النظر للفريق الأخر والطرف الأخر الذى يمثل بقية المعادلة ..وهو هنا سموحة الذى قدم عرضا قويا بدوره ، وأنقذت عارضة الأهلى الفريق من إصابة جسيمة كادت تمنح سموحة تقدما بهدفين . إلا أن الفريق الأحمر تدارك الأمر وعاد بقوة ..
وأذكر هنا أن مارتن يول طالب بتشكيل فريق رديف للأهلى أسوة بفرق أوروبية . وهو لايعلم ، وربما لايعلم أيضا الكثيرون فى إدارة النادى والكرة أن الأهلى سبق مارتن يول وسبق عصره ، فكان الأهلى أول نادٍ فى مصر يؤسس ثلاثة فرق لتمثيله واللعب باسمه.. الفريق الأول يطلق عليه الفريق الأحمر وهو الذى تأسس عام 1911 علما بأن كرة القدم كانت تلعب منذ عام 1909 فيما يسمى بحوش كرة القدم ، وفى عام 1926 أنشأ النادى فريقا ثانيا سماه الأهلى الأبيض ، ثم أنشأ فريقًا ثالثًا عام 1927 سماه الأهلى الأزرق. وقد لعب الفريقان الأبيض والأزرق ضمن فرق أندية الدرجة الأولى التى كانت تتبارى على كأس مهداه من أبو بكر راتب للألعاب السداسية بين مختلف المدارس والأندية ، وبعد ذلك لعب الفريقان ضمن فرق الدرجة الثانية ، ثم ألغى الأهلى فريقه الأزرق وبعدها ألغى فريقه الأبيض فى مطلع الأربعينات !
*******************
كرة زمان .. كانت لزمان !
هل الاحتراف هو المال ، وهل هو كم تقبض أم أن الإحتراف يعنى التميز والتفرد والإتقان و الإبداع ؟!
كثيرون يرون أن الرياضة فقدت براءتها بسبب المال, وأن لاعبى اليوم مجرد ألات, يتدربون, ويتوجهون إلى صالات الجيم ، ويرفعون من لياقتهم البدنية و لكنهم يفتقدون للمهارات ، وهم يستندون على تكنولوجيا متطورة ، وأن ذلك أفقد الرياضة الكثير من أوجه الجمال ..
هذا كله غير صحيح . ماتغير هو شكل الجمال . فالأداء الجماعى فى كرة القدم يمثل قمة الدقة والإبداع والجمال . وليس صحيحا أننا نفتقد كرة زمان ، وزمن زمان ، وأرى أن مباريات الستينيات تدعو إلى التثاؤب , بإيقاعها البطيء ، وبمساحتها الواسعة . وهى كانت لعصرها ، وليس للعصر الحالى . وتلك قضية تسرى على الفن والأدب والسينما وغيرها من أوجه الحياة .. فالرياضة بالدرجة الأولى صراع على الإيقاع وهو بدوره موجود فى السينما والغناء والفن والأدب وفى الحياة أيضا .والمشكلة هى النوستالجيا ( الحنين إلى الماضى ) .. فهل يمكن مقارنة حسين بك حجازى بالخطيب وبينهما مائة عام . هل يمكن مقارنة ميسى ببيليه ؟
أن سرعة الإيقاع فى مباريات القرن الحادى والعشرين و ثقافة التحرك بالكرة وبدونها , فى مساحات ضيقة ، وفى إطار ضغوط من الخصم ، وفى كمية الجرى الهائلة جعلت كرة اليوم غير كرة الامس . حتى الغناء والفن . فهل الجيل الذى عاش المغنى صالح عبد الحى أو عبده الحامولى يهضم أداء رائد الأغنية المصرية الشيخ عبد الرحيم المسلوب فى نهاية القرن الثامن عشر . حتى فى الأدب . ألم يتغير إيقاع الكتابة ومضمونها ؟
أعود إلى سؤال الحتراف ..فهو عمل لايتعارض أبدا مع هواية العمل أو حب هذا العمل .
وأفسح المجال هنا للاعب أرسنال الأسبق ومنتخب فرنسا تيرى هنرى الذى قال قبل سنوات :" كرة القدم ليست مهنة ولكنها عاطفة "
Football is not aprofession but a passion)) وأضاف هنرى الذى أراه من اللاعبين الذين تحب أن تذهب إليهم الكرة :
" عندما أكون فى المنزل لا أترك الكرة , وإنما ألعب بها . تعلمت ذلك منذ طفولتى , ومنذ كنت أزور إدجار ديفيدز زميلى فى فريق يوفنتوس فى منزله , فكنت أشاهده وهو يتحدث فى التليفون وقدمه تداعب الكرة . وبدأت أفعل مثله , وحطمت الكثير من زجاج منزلى . لكننى أحب اللعبة . وأعرف أننى سأتوقف يوما عن ممارستها وسأفتقد المباريات الكبرى , وغرف الملابس , وصيحات الجماهير . ولذلك أستمتع بالكرة الأن فى كل دقيقة . وكثيرون يمارسون اللعبة ولايستمتعون بها , ولايحترمونها , فهى وسيلة لجمع المال , لكنها ليست كذلك بالنسبة لى .. لم أفكر أبدا فى الفوز من أجل المكافآت , لكننى تعلمت الرغبة فى الفوز منذ طفولتى, منذ كنت ألعب مع أصدقائى فى منتزه الحى . وكنت أخسر مباراة , وأعود وأفكر فى الفوز فى المباراة التالية . وحتى اليوم ألعب كرة القدم كما كنت أمارسها وأنا طفل صغير فى الحى الفرنسى الفقير الذى عشت فيه . لم أتغير . لكن الناس هى التى تغيرت .. " !
وأوافق تيرى هنرى ، فهو كان يلعب كرة القدم بفرحة وتلقائية . تشعر بسعادته باللعبة .. وهو كان مثل لاعبى البرازيل سابقا ، فكانوا يلعبون ويمرحون ، ببهجة وتلقائية ، قبل يتخلى المنتخب عن شخصيته ، وقبل أن تصيبه عقدة ألمانيا فى مونديال 2014 .. بينما ترى العديد من اللاعبين الآخرين فى دول العالم الثانى والثالث , يلعبون بغضب , وبضيق , وبصبر على البلاء الذى هو المباراة , وينتظرون صفارة النهاية , بينما الذين يبدعون يستمتعون و لايتمنون للمباراة أبدا أن تنتهى ..
إذن الاحتراف لايعنى غياب الإبداع .. وزمن الكرة الجميلة لم ينته .. نحن الآن فى زمن كرة أجمل من تلك التى كانت !