المساء
يسرى حسان
أي حاجة- لكن المظاهرات خرجت!!
الناس كلها تعرف أن في مصر نهراً يسمي النيل. لذلك سيضحكون بشدة إذا خرج عليهم مذيع مؤكداً عدم وجود النهر.. سيقولون مجنون أو جاهل أو مجرد شخص تافه لاقيمة له.
خذ بالك. واخلع عنك انتماءاتك السياسية أوالدينية. ودعك من إنكار أحمد موسي وجود مظاهرات واحتجاجات يوم 25إبريل. وكذلك إنكار أغلب وسائل الإعلام الرسمية والخاصة.
شاء موسي أو أبي هو أو غيره. فقد شهد ذلك اليوم مظاهرات واحتجاجات قام بها الشباب تحديداً. وشهد كذلك استنفاراً أمنياً قبل وبعد وأثناء المظاهرات. وشهد ممارسات تؤكد أن العقيدة هي نفسها لم تتغير. وأن أسلوب المعالجة هو نفسه لم يتغير.
من ينكر وجود احتجاجات واحتقانات. معتقداً بذلك أنه يحمي البلد ونظامها. هو بالضبط كمن ينكر وجود نهر النيل والأهرامات الثلاثة وتمثال أبو الهول.و أم الهول نفسها علي رأي السيدة التي رفعت علم السعودية. من ينكر ذلك هو أكبر أعداء البلد ونظامها. هو مجرد منافق وطبال وأرزقي. وبالمناسبة فإن النظام لايحترم هؤلاء ويحرقهم فور انتهاء مهمتهم. أو بمعني أدق يخلعهم مثلما يخلع الإنسان حذاءه البالي المهترئ.
لست من الداعين إلي القيام بثورة علي النظام. لكني من المؤيدين لحق الناس في الاحتجاج والتظاهر. خاصة إذا كانوا يتظاهرون ويحتجون علي أمر يخص جزءاً من أرض الوطن لم يقنعهم أحد حتي الآن بأنه ملك غيرنا. ولم يتم إخراج الموضوع برمته بطريقة مقنعة للناس .. الطريقة والتوقيت والدفاع المستميت من قبل مؤيدي النظام وتخوين المعارضين.. كل ذلك سبب الاحتقان.
أكيد هناك انتهازيون دخلوا علي الخط. وخرجوا للتظاهر. لكن هؤلاء خارج الحسبة أساساً ولم يعد أحد يثق فيهم حتي لو أقسموا علي المصحف. لكن ماذا عن معالجة الموقف؟
جاءت المعالجة تقليدية ومتسمة بقدر كبير من الغباء. حصار واعتقالات وحشد إعلامي. وكأننا بذلك سننهي الأمر. مع أن الأمر بهذه الطريقة يزداد اشتعالا. نسبة المختلفين ترتفع. وليس معقولاً أن كل هؤلاء عملاء وخونة ومتآمرون علي البلد.
أعرف أننا في ظروف صعبة ودقيقة وخطيرة. وأننا يجب أن نتفرغ لبناء البلد وإنقاذ اقتصادها المنهار. لكن ذلك لن يتم بالقمع والقهر ومصادرة الحريات والحشد الإعلامي وحشد بعض الناس للاحتفال في ميدان عابدين ومحاولة اقتحام نقابة الصحفيين بواسطة بعض الغوغاء.. لماذا نصر علي توسيع الجبهات. ونصر علي أن يعيد التاريخ نفسه بكل تفاصيله وكأن لنا ذاكرة الأسماك؟
بناء البلد لن يتم إلا باحترام إرادة الناس ووضعهم في الاعتبار عند اتخاذ أي قرار مصيري. واحترام حقهم في الاختلاف.. قد ننجح في قمع الناس بعض الوقت. لكننا أبداً لن ننجح في قمعهم طوال الوقت.. هكذا يقول لنا التاريخ الذي نصر علي تجاهله مثلما أصر أحمد موسي. ومن ساروا علي دربه.علي إنكار وجود المظاهرات والاحتجاجات!!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف